الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه logo لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
172045 مشاهدة print word pdf
line-top
التفكر في مصير من سبق يقوي اليقين

...............................................................................


وهكذا أيضا إذا تفكر الإنسان في أمر من ما مضى من الأمم أمر الأمم التي قد مضت وسيرها وأحوالها. لقد قص الله تعالى علينا قصصا كثيرة من الأمم والأنبياء، وما حصل لهم وكيف نجا من نجا وهلك من هلك، وكيف قالوا وكيف فعلوا، ومع ذلك ما بقي منهم إلا أخبار وآثار.
مثل ما قص الله علينا من قصة قوم عاد قوم هود ذكر الله عنهم أنهم أهل قوة وأهل جبروت حتى أنهم قالوا: مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً في نظرهم أنه لا أحد أشد قوة منهم، وكذلك يقول الله عنهم: وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ ويقول تعالى عن بلادهم: إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ وكذلك أيضا أخبر بزيادة خلقهم بقوله: وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً أي: سعة في أجسامهم، وزيادة على غيرهم.
لا شك أن هذا لم يغن عنهم لما أنهم لم ينيبوا إلى الله، ولم يعبدوه، ولم يطيعوا رسله بل صار ذلك زيادة في عذابهم، ومع ذلك ما تذكروا، ما تذكروا عظمة الخالق في قوله تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً مع أنه لا مناسبة بين قوتهم، وقوة الخالق الذي إذا قضى أمرا فإنه إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ولهذا عذبهم بأيسر عذاب؛ أرسل عليهم الريح، الريح التي جند من جند الله تعالى.
هذا الهواء الذي إذا سلطه الله قلع الأشجار، وهدم الدور، وأهلك النبات إذا أرسله ريحا شديدة عاصفة، فهذا ما أهلكوا به، ولم تغن عنهم قوتهم، ولا جبروتهم وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ .

line-bottom