إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف logo    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
172057 مشاهدة print word pdf
line-top
استواء الله على عرشه

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال رحمه الله تعالى:
حدثنا محمد بن العباس بن أيوب قال: حدثنا محمد بن الحسين بن إبراهيم قال: حدثنا أبو النضر هاشم بن القاسم قال: حدثنا المسعودي عن عاصم عن زر بن حبيش عن عبد الله رضي الله عنه قال: إن ما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام، وما بين كل سماءين مسيرة خمسمائة عام، ونضد كل سماء يعني غلظه خمسمائة عام، وما بين السماء السابعة وبين الكرسي مسيرة خمسمائة عام، وما بين الكرسي إلى الماء مسيرة خمسمائة عام، والعرش فوق الماء، والله تبارك وتعالى فوق العرش لا يخفى عليه من أعمالكم شيء.
قال: حدثنا محمد بن العباس بن أيوب قال: سمعت أبا مسعود أحمد بن الفرات يقول: حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد قال: حدثنا عمرو بن أبي قيس عن سماك بن حرب عن عبد الله بن عميرة عن الأحنف بن قيس عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فمرت سحابة فقال: ما هذا؟ قلنا: السحاب قال: والمزن قلنا: والمزن قال: والعنان قلنا: والعنان قال: تدرون ما بعد السماء إلى الأرض؟ قالوا: الله ورسوله أعلم قال: كذا وكذا سنة، ثم عد سبع سماوات وفوق ذلك بحر ما بين أعلاه إلى أسفله ما بين السماء إلى سماء، وفوق ذلك ثمانية أوعال ما بين أظلافهن وركبهن ما بين سماء إلى سماء، والعرش فوق ذلك، والله تبارك وتعالى فوق ذلك بعلمه على العرش .
قال: حدثنا الوليد قال: حدثني موسى بن يوسف قال: حدثنا عبد المؤمن بن علي قال: حدثنا عبد السلام بن حرب عن يزيد أبي خالد الدالاني عن سماك بن حرب عن عبد الله القيسي بن عميرة عن الأحنف بن قيس عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
قال: حدثنا محمد بن العباس قال: حدثنا محمد بن مرزوق بن بكير قال: حدثنا يحيى بن سعيد العبشمي قال: حدثنا ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله أي آية أنزلها الله عليك أعظم؟ قال: آية الكرسي، ثم قال: يا أبا ذر ما السماوات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة في أرض فلاة، وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة .
قال: حدثنا محمد بن العباس قال: حدثنا أبو كريب قال: حدثنا محمد بن خازم قال: حدثنا الأعمش عن جامع بن شداد عن صفوان بن محرز عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقبلوا البشرى يا بني تميم قالوا: قد بشرتنا فأعطنا قال: اقبلوا البشرى يا أهل اليمن قالوا: قد بشرتنا فاقض لنا على هذا الأمر كيف كان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان الله عز وجل على العرش وكان قبل كل شيء، وكتب في اللوح كل شيء يكون .
قال: حدثنا الوليد قال: حدثنا يحيى بن أبي طالب قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا المسعودي عن جامع بن شداد عن ابن بريدة الأسلمي عن أبيه رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: كان الله لا شيء غيره، وكان عرشه على الماء وكتب في الذكر كل شيء يكون وخلق سبع سماوات .
قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال: حدثنا أحمد بن سعيد قال: حدثنا ابن وهب قال: أخبرني مسلم بن خالد عن زكريا بن إسحاق عن حميد الأعرج عن مجاهد رضي الله عنه قال: خلق الله تبارك وتعالى اليراع أول ما خلق من الأشياء واليراع القصب، ثم خلق القلم من ذلك اليراع، ثم قال: اكتب ما يكون إلى يوم القيامة.
قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال: حدثنا سعيد بن أبي زيدون قال: حدثنا الفريابي عن سفيان عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير قال: سئل ابن عباس رضي الله عنهما حين كان العرش على الماء على أي شيء كان الماء؟ قال: على متن الريح.
قال: حدثنا إبراهيم قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ قال: حدثنا أبي عن المسعودي عن جامع عن رجل عن بريدة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله عز وجل كان، لا شيء غيره، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء، وخلق سبع سماوات .
قال: حدثنا إبراهيم بن محمد قال: حدثنا سعيد بن أبي زيد قال: حدثنا الفريابي قال: حدثنا قيس عن ابن أبي ليلى عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان عرش الله على الماء فاتخذ جنة لنفسه، ثم اتخذ أخرى فأطبقه بلؤلؤة واحدة، ثم قال: وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ لا يعلم الخلق ما فيهما.
قال: حدثنا إبراهيم بن محمد قال: حدثنا العلاء بن سالم قال: حدثنا إسحاق الأزرق عن سفيان عن عبيد المكتب عن مجاهد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: خلق الله تبارك وتعالى بيده أربعة أشياء: آدم والعرش والقلم وجنة عدن، وقال لسائر الخلق: كن فكان.
قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال: حدثنا محمد بن عمرو بن حنان قال: حدثنا بقية عن أرطاة بن المنذر عن ضمرة بن حبيب عن جبير بن نفير رفعه قال: إن الله عز وجل كان عرشه على الماء، وإنه خلق القلم فكتب ما هو كائن من خلقه، ثم إن ذلك الكتاب سبح الله ومجده ألف عام قبل أن يبدأ بخلق كل شيء من الخلق.
قال: حدثنا إبراهيم بن محمد قال: حدثنا أبو سعيد الأشج و محمد بن سنجر قال: حدثنا أبو أسامة عن إسماعيل بن أبي خالد قال: سمعت سعد الطائي يقول: العرش ياقوتة حمراء.
قال: حدثنا إبراهيم بن محمد قال: حدثنا سعيد بن أبي زيدون قال: حدثنا الفريابي قال: حدثنا قيس عن عمار الدهني عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ قال: الكرسي موضع القدمين، والعرش لا يقدر أحد قدره.
قال: حدثنا محمد بن العباس قال: حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا ابن مهدي عن سليمان عن عمار الدهني عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: الكرسي موضع القدمين مثله.
قال: حدثنا إبراهيم بن محمد قال: حدثنا سوار بن عبد الله قال: حدثنا المعتمر بن سليمان عن ليث عن مجاهد رحمه الله تعالى قال: ما أخذت السماوات والأرض من العرش إلا كما تأخذ الحلقة من أرض الفلاة.
قال: حدثنا إبراهيم قال: حدثنا علي بن عيسى قال: حدثنا أحمد بن جناب عن عيسى بن يونس عن طلحة بن عمرو عن عطاء قال: سمعت ابن عباس رضي الله عنهما يقول: إنما مثل السماوات والأرض فيما وراءهن من الهواء حيث لا سماء ولا أرض كمثل فسطاط في صحراء. كم ترى ذلك الفسطاط أخذ من الأرض؟!
قال: حدثنا إبراهيم بن محمد قال: حدثنا الربيع بن سليمان الجيزي قال: حدثنا أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرحمن بن زيد بن أسلم يقول عن أبيه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما السماوات السبع في الكرسي إلا كدراهم سبعة ألقيت في ترس قال ابن زيد: فقال أبو ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ما الكرسي في العرش إلا كحلقة من حديد ألقيت بين ظهري فلاة من الأرض والكرسي موضع القدمين .
قال: حدثنا إبراهيم بن محمد قال: حدثنا الربيع بن سليمان عن يحيى بن عبد الله بن بكير عن ابن لهيعة قال: حدثني عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خلق الله عز وجل اللوح المحفوظ كمسيرة مائة عام، فقال للقلم قبل أن يخلق الخلق وهو على العرش: اكتب علمي في خلقي، فجرى بما هو كائن إلى يوم القيامة.
قال: حدثنا إبراهيم بن محمد قال: حدثنا يحيى بن حميد بن أبي حميد قال: حدثنا عثمان بن عبد الله الدمشقي عن بقية بن الوليد قال: حدثني أرطاة بن المنذر الكلاعي قال: سمعت مجاهدا يذكر عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تبارك وتعالى أول شيء خلق؛ خلق القلم، وهو من نور مسيرة خمسمائة عام فأمر الله عز وجل القلم، فجرى بما هو كائن إلى يوم القيامة؛ فصدِّقوا كما بُلغتم عن الله تبارك وتعالى من قدرته .
قال: حدثنا إبراهيم قال: حدثنا الحسن قال: حدثنا علي الطنافسي عن إبراهيم بن منصور عن نوح عن رجل عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: من السماء السابعة إلى العرش مسيرة ست وثلاثين ألف عام.


هكذا نقلت هذه الآثار، وهذه الأحاديث عن السلف رحمهم الله من الصحابة والتابعين وعلماء الأمة والسلف الصالح، ولا بد أنهم تلقوا ذلك عن الوحي أخذوه عن السنة أو فهموه من الأدلة فيكون ذلك كله من الشريعة. قد يقال: إن بعض هذه الآثار فيها مقال أو في أسانيدها ضعف، ولكن مجموعها يدل على ثبوتها وشهرتها، وكذلك تنوعها وكثرة طرقها وأسانيدها يعطي القارئ ثقة بأنها صحيحة وثابتة؛ تلقاها أهل السنة بالقبول، واعتقدوا ما تدل عليه.

line-bottom