إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
129097 مشاهدة
الله يمهل ولا يعجل بالعقوبة لمن عصاه

...............................................................................


كذلك أيضا يشاهد أن الخلق يعصون ربهم يكفرون، ويغدرون، ويفسدون في الأرض، ويسفكون الدماء، ويشركون بالله، ويجعلون معه آلة أخرى، ويعبدون غيره معه وهو مع ذلك يعطيهم، ويعافيهم، ويحلم عنهم، ويصفح عنهم، ويرزقهم، ويوسع عليهم الرزق، ويرسل السماء عليهم مدرارا وهم مع ذلك مستمرون في غيهم وفي شرهم وفي كفرهم وفي فسادهم، ولا شك أن ذلك دليل كمال حلم الله تعالى، وعفوه أو إمهاله وعدم معاجلته بالعقوبة لمن عصاه، فإنه يمهل ولا يهمل، يرزق الكفار ويوسع عليهم؛ لحكمة أرادها بذلك.
فكل هذا دليل أنه سبحانه حليم غفور رحيم، يحب العفو، ويحب المغفرة لعباده، ومع ذلك فإنه قد يعجل بعضهم بالعقوبة، وقد أرى عباده أنواعا من المثلات وأنواعا وأمثلة من العقوبات التي سلطها على من عصاه وخالف أمره .وجعلها لهم أمثالا. حتى يعرفوا عظمة من عصوه فيخافوه ويقبلوا عليه ويتوبوا إليه وينيبوا إليه.
فكل ذلك من الأسباب التي تجعل الإنسان يعرف ربه أنه رب كل شيء وخالق كل شيء، وأنه الإله الحق لا إله غيره ولا رب سواه، وأنه لا يصلح شيء من القربات والعبادة لغيره من المخلوقات، بل المخلوقات كلهم مملكون لله عبيد له لا يملكون لأنفسهم تصرفا، ولا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا.
فكيف يملكون ذلك لغيره فهو مالك الملك، وهو ذو الجلال والإكرام كما سمى بذلك نفسه، وهو الذي يستحق أن يعبد وأن يشكر ويحمد وأن يثنى عليه وأن يفرد بالألوهية وحده، وأن يُعترف له بالفضل والعطاء والجود والكرم والإمداد، فيخلصون له العبادة وحده ويصرفون قلوبهم عن ما سواه.
نستمع إلى المتن