إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة logo إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
185781 مشاهدة print word pdf
line-top
تنزيه الله وتوحيده بأسمائه

...............................................................................


ذُكر أن قوما من المشركين قالوا: يا محمد انسب لنا ربك. يعني: أخبرنا بنسبه. أنزل الله تعالى هذه السورة، وفيها لم يلد ولم يولد. كأنهم يقيسون الخالق تعالى على آلهتهم التي كانت متولدة من مثلها يعني الأولياء والصالحين والأنبياء والشهداء ونحوهم الذين يعبدون من دون الله، ينسبون به قالوا: الولي هو فلان وفلان وفلان هذا. رد عليهم أنه تعالى هو الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد.
وكذلك أيضا روي أن بعض اليهود قالوا: يا محمد أخبرنا عن ربك. قد علمنا أن الإنسان خلق من طين، وأن السماوات خلقت من بخار البحر مثلا أو غباره، وأن الأرض خلقت من البحر أو من رواسبه، ونحو ذلك، فأخبرنا عن ربك، وهذا سؤال تعنت. كأنهم يقولون: من أي شيء هو؟ ولا شك أن هذا تدخل في علم الغيب الذي لا يجوز التدخل فيه، وكذلك أيضا فيه أنهم يسألون عن الشيء الذي لا يعلمه إلا الله تعالى، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنه سيخلق مثل هؤلاء، فقال: صلى الله عليه وسلم لا يزال الناس يتساءلون من خلق كذا؟ ومن خلق كذا؟ حتى يقولوا: الله خلق الخلق، فمن خلق الله؟ فإذا وجد ذلك أحدكم فليقل: آمنت بالله آمنت بالله، وفي رواية فليستعذ بالله ولينته أي: يعتقد أن الرب سبحانه وتعالى قديم وأنه لم يسبق بعدم، ولو كان مسبوقا بعدم للزم أن يكون الذي خلقه له خالق وهلم جرا، فيلزم التسلسل في الماضي، فإذا أثبت العباد هذا القول أن الخالق هو الخالق وما سواه مخلوقون فإن هذا يقطع وسوسة كل موسوس، ويثبت القول بأن الرب تعالى هو القديم بأسمائه وبصفاته، ولا يجوز التمادي في مثل هذه الوساوس، وكثرة الحديث بها.
وقد تقدم الآثار التي فيها: تفكروا في المخلوق، ولا تفكروا في الخالق؛ ولعل ذلك لأجل الاعتقاد بأن الخلق الذين يشاهدون يعرف بأن الذي خلقهم هو المستحق للعبادة حيث أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى وحيث كمل لهم ما يحتاجون، فخلق الإنسان خلق تمام، كما في قوله تعالى: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ إذا تأملت في خلق الإنسان وجدته أحسن خلق بحيث إنه لا يحتاج إلى زيادة عضو، ولو نقص منه عضو لتأثر بحيث أن كل عضو له وظيفته الأعضاء الظاهرة والأعضاء الباطنة والمفاصل والعظام وما أشبهها، فهو دليل على أن الذي خلقه هو على كل شيء قدير، وأنه لم يكن ليخلق نفسه.

line-bottom