الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك logo اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
206056 مشاهدة print word pdf
line-top
من عظم الله استصغر من سواه

...............................................................................


إذا عرفوا عظمة الله، وأنه جلال وجهه لو انكشف ذلك نور لاحترقت المخلوقات العلوية والسفلية؛ دل ذلك على عظمة الخالق، وأنه لا يقاس بخلقه ولا يمكن أن يثبت لعظمته شيء. كذلك أيضا إذا استحضروا أن المخلوقات حقيرة بالنسبة إلى عظمته وأنه هو الذي يمسك السماوات والأرض أن تزولا وأنه يمسك المخلوقات أن تضطرب أو تتحرك أو تميد كما في قوله تعالى: أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ عرف بذلك عظمة الله.
ونتيجة ذلك؛ نتيجة هذه المعرفة التعظيم وهو أن من يعظِّم الله يعظُم قدر ربه في قلبه، وكذلك يعظم الله تعالى فيعظم شأنه أن يقاس بأحد من مخلوقاته، أو يصرف من حقه شيء لخلقه، ويعظم الله تعالى أن يُحتقر يحتقره العباد أو يجعلوا له شريكا من المخلوقات أو ما أشبه ذلك، وهكذا أيضا يعظمون الرب بأن يصرفوا له العبادة وحده ويتركوا عبادة ما سواه، فلا يصرفون شيئا من العبادة لغيره.
إذا استحضروا أنه أعظم من كل شيء، ولأجل ذلك يؤمرون بأن يكثروا من ذكر الله الذي يدل على عظمته كما في قوله صلى الله عليه وسلم لما ذكر الركوع والسجود قال: فأما الركوع فعظموا فيه الرب أي: أثنوا على الله تعالى في الركوع بما يدل على إثبات العظمة مثل قوله: سبحان ربي العظيم. أي الذي له العظمة وحده، وقد أمر الله بذلك في قوله تعالى: فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ أي: سبحه بقولك: سبحان ربي العظيم.
فتعظيم الله تعالى سواء استحضار عظمته بالقلب وإن لم ينطق، أو النطق بأن يذكر الله تعالى بالألفاظ التي تدل على العظمة والثناء عليه بالأسماء والصفات التي تدل على عظمته وجلاله وكبريائه؛ لذلك نتيجة وهي أن يعظم قدر ربه في قلبه وأن تصغر الدنيا، ويصغر أهلها بالنسبة إلى عظمة الله، وألا يبقى في قلب الإنسان ما يعظَّم كتعظيم الله تعالى ولا ما يصرف له شيء من حق الله سبحانه وتعالى، فهذا هو نتيجة هذا التعظيم من هذه الآثار وما أشبهها، وكذلك من الآثار والأحاديث التي سبقت في هذا الكتاب وفي غيره.
والآن نستمع إلى كلام المؤلف.

line-bottom