لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. logo الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
173816 مشاهدة print word pdf
line-top
آيات تدل على عظمة الله

قد ذكرنا أننا سوف نواصل القراءة في كتاب العظمة لأبي الشيخ الأصفهاني وذكر أنه تحت الطبع وأنه قريبا سيخرج إن شاء الله. هذا الكتاب يتعلق بالأدلة على عظمة الله وجلاله وكبريائه وصفاته التي إذا تفكر فيها العبد عرف أنه سبحانه هو المستحق للعبادة، ومعلوم أيضا أنها أو أكثرها مأخوذ أو موجود في كلام الله سبحانه وتعالى مثل قوله تعالى: الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ لما فسرها ابن كثير قال: الخالق لهذه الأشياء هو المستحق للعبادة.
وكذلك أيضا الآيات التي تدل على عظمة الله وعلى جلاله مثل ما ختم به الشيخ محمد بن عبد الوهاب كتاب التوحيد ختمه بباب قول الله تعالى: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ثم ذكر تحت هذه الآية أحاديث تدل على عظمة الله وتدل على صغر المخلوقات أمام عظمته، ويعرف منها المسلم أن الذي هذه عظمته أهل أن يعبد ويعظم، وأنه على كل شيء قدير، وأنه لا يليق به أن يترك خلقه هملا لا ثواب ولا عقاب لا أمر ولا نهي، وأن الذين يظنون هذا الظن لم يكن عندهم فكر ولا عقل؛ ولأجل ذلك يكثر توبيخهم على هذا الظن مثل قوله تعالى: أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى ومثل قوله تعالى: أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ونحو ذلك من الآيات.
أي يتحقق أن هذا الكون لا بد أن يكون له من يدبره، وأن هذا الخلق الذي خلقوا، وأعطوا من هذه الحياة ما يتمتعون به لا بد أنهم مأمورون ومنهيون ومكلفون حتى يستعدوا لما أمروا به، ويفكروا فيما خلقوا له ولا ينخدعوا بكثرة المنخدعين وبكثرة المنحرفين الضالين، فإن أولئك الذين جعلوا عقولهم منصرفة إلى شهواتهم أو إلى دنياهم الدنية، وصار فيها تفكيرهم وصارت فيها أعمالهم لها يعملون، ولها يفكرون ولها يكدحون ويصنعون؛ إنهم لم ينتفعوا بعقولهم التي أعطاهم الله، بل سلبها خير لهم. المسلوب عقله الذي ليس له عقل لا حساب عليه، وأما هؤلاء فإنهم يعذبون حيث إنهم لم ينتفعوا بما أعطاهم الله تعالى من هذا التفكير، ومن هذه الأبصار والأسماع والعقول ونحوها، والأدلة على ذلك كثيرة، ونحب أن نبدأ القراءة في هذا الكتاب ثم نواصل ذلك إن شاء الله.

line-bottom