شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
خلق المخلوقات من دلائل عظمة الله
...............................................................................
لا شك أنه خلقها كذلك كما قدر وكما أخبر مع أنه لا يعجزه شيء أراده، وهكذا أيضًا ما سمعنا من أنه خلق، أو غرس جنة عدن بيده، وخلق آدم بيده، وكتب التوراة بيده، والمعروف أن الجميع خلقه كما يشاء ومن ذلك . قال الله تعالى: رسم> إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ قرآن> رسم> أخبر بأنه خلقه من تراب، وأنه قال له: كن؛ كما قال ذلك للملائكة. أي: خلقهم بقوله: كن.
وكما قال ذلك أيضًا لسائر المخلوقات كلها قال لها: كن، ولو كان قد خلقها من مادة كونها منها حيث خلق آدم اسم> من طين مع أنه قادر على أن يكونه من أي شيء، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: رسم> خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم اسم> مما وصف لكم متن_ح> رسم> يعني أنها خلقت من هذه المواد كما أيضًا قدر خلق المخلوقات الأخرى من مواد. أي: هو الذي جعل لها مواد تخلق منها قال تعالى: رسم> ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ قرآن> رسم> أي نسل آدم اسم> أي بني آدم اسم> يخلقهم من سلالة أي من هذا المني كما في قول الله تعالى: رسم> أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى قرآن> رسم> أخبر بتطور خلق الإنسان في بطن أمه في قول الله تعالى: رسم> وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً قرآن> رسم> إلى آخره الله قادر على أن يخلقها بدون مادة بأن يقول لها: كن فتكون كما يشاء ولكن له الحكمة في ذلك.
ولا شك أن العاقل إذا تأمل في هذه المخلوقات، وتأمل في موادها التي تتكون منها عرف بأنها لم تكوّن أنفسها، وأنها لا تستطيع مهما أوتيت من قوة أو قدرة لا تستطيع أن تكوّن أنفسها، ولا أن تخلق شيئًا من أنفسها، ولذلك قال الله تعالى: رسم> أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ قرآن> رسم> يعني: ما تقذفونه في الأرحام رسم> أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ قرآن> رسم> أي: لستم أنتم الذين تخلقون أولادكم بل الخالق هو الله وحده. لو كان الإنسان هو الذي يختار، ويخلق أولاده لاختار أن يجعلهم مثلاً ذكورًا، أو ألا يكون فيهم مريض أو لا يكون فيهم سيئ الخلقة أو ما أشابه ذلك. إذن الخالق هو الله وحده، نؤمن بما ورد في هذه الآثار من سعة هذه المخلوقات يقول الله تعالى: رسم> وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ قرآن> رسم> الإيساع معناه أنه سبحانه خلق خلقًا لا يحصيهم إلا الله ولا يصل إليهم ذهن ذاهن ولا معرفة عارف، وإنا لموسعون، وكذلك أيضًا نؤمن بما أخبر الله تعالى أنه فوق العرش كما يشاء وقد اتفق على ذلك أهل السنة وسلف الأمة، واعترفوا بأن الله على عرشه قد استوى عليه كما يشاء .
مسألة>