إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) logo إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
174306 مشاهدة print word pdf
line-top
من صرف قلبه عن التفكر فإنه كالأعمى قال تعالى: ونحشره يوم القيامة أعمى

...............................................................................


وهكذا يتفكر كل عاقل، فأما من صرف قلبه عن التفكر فإنه بمنزلة الأعمى كما سمعنا في قوله تعالى: وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا ليس المراد طمس العينين بحيث لا يبصر شيئا، ولكن المراد بالأعمى عمى البصيرة، وهو الذي لا يتفكر ولا يتعقل ولا ينظر فيما خلق له، ولا يتأمل فيما بين أيديه ولا فيما خلفه، فكأنه مسلوب البصر، بل قد يكون الأعمى الذي لا يبصر خيرا منه، وذلك لأن من سلب البصر، ولكنه رزق بصيرة فإنه ينفعه عقله وتنفعه بصيرته، فيتفكر ويتعقل ويتدبر ولو كان لا يرى شيئا مما حوله. فالبصيرة التي هي نور في القلب يقذفه الله تعالى في البصائر هو الذي يحصل بهذا النور التعقل في آيات الله تعالى، والبصيرة في أمره فيقال: إن العمى عمى البصيرة وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا .
وقد فسر الإمام أحمد قول الله تعالى: وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا فقال: إن العمى هاهنا عمى البصيرة. يعني: أعمى عن حجته، وذلك لأنه في الدنيا كأنه أعمى حيث لم ينتفع بعينيه لم ينظر بها نظر عبرة، ولم يتفكر فيما بين يديه وما خلفه، ولم يتأمل في الآيات، ولم يكن من أهل التفكر الذين يعتبرون بالآيات. يقول الله تعالى: إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ فُسر المتوسمون بأنهم المتأملون والمتعقلون، الذين يعرفون سمات كل شيء. كل شيء عليه سمة يعني وسما لا يظهر هذا الوسم وهذه السمة إلا لأهل العقول، الذين يتأملون ويتفكرون. فأما من لم يتفكر فإنه بمنزلة من حرم هذه الحواس ولهذا يقول الله تعالى عن بعض الأمم الذين أهلكهم قال: وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ .
لهم سمع وأبصار وأفئدة ولكن ما نفعتهم هذه الجوارح حيث أنهم لم يستعملوها في طاعة الله ولم يتفكروا بها في آيات الله، فإذا رأيت الذي ينتبه لما بين يديه ولما خلفه من الآيات الكونية وعجائب المخلوقات عرفت أنه من المتوسمين، وأما إذا رأيت المعرض عن هذه الآيات والمشتغل بالشهوات، فإنك تعرف أنه من أهل العمى عمى البصيرة فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ .

line-bottom