شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
ذكر شأن ربنا تبارك وتعالى وأمره وقضائه
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد اسم> وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال رحمه الله تعالى ذكر شأن ربنا تبارك وتعالى وأمره وقضائه.
قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن فاذويه اسم> قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان اسم> قال: حدثنا محمد بن يحيى المروزي اسم> قال: حدثنا عاصم بن علي اسم> قال: حدثنا المسعودي اسم> عن عمرو بن مرة اسم> عن أبي عبيدة عن أبي موسى اسم> رضي الله عنه قال: رسم> قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع، فقال: إن الله عز وجل لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل النهار وعمل النهار قبل الليل، حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه كل شيء أدركه بصره متن_ح> رسم> ثم قرأ أبو عبيدة رسم> أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ قرآن> رسم> ذكر عبدة السجستاني اسم> قال: سألت عمرو بن أبي قيس اسم> وكان قدم سجستان اسم> في تجارة ما سبحات وجهه قال: جلا كان في أصل أبي الرجاء اسم> أولا جلا وجهه فأصبح جلال وجهه.
قال: حدثنا محمد بن العباس اسم> قال: حدثنا أبو كريب اسم> وأحمد بن إبراهيم الدورقي اسم> قال: حدثنا أبو معاوية اسم> قال: حدثنا الأعمش اسم> عن عمرو بن مرة اسم> عن أبي عبيدة عن أبي موسى اسم> رضي الله عنه قال: رسم> قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس كلمات: إن الله عز وجل لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النار لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه متن_ح> رسم> .
قال: حدثنا محمد بن يحيى المروزي اسم> قال: حدثنا عاصم بن علي اسم> قال: حدثنا المسعودي اسم> عن سعيد بن أبي بردة اسم> عن أبيه عن أبي موسى اسم> رضي الله عنه أن موسى اسم> عليه السلام قال له قومه: أينام ربك؟ قال: اتقوا الله إن كنتم مؤمنين فأوحى الله إلى موسى اسم> عليه السلام أن خذ قارورتين فاملأهما ماء، ثم أمسكهما ففعل فنعس فنام، فسقطتا من يده فانكسرتا فأوحى الله عز وجل إلى موسى اسم> إني كذلك أمسك السماوات والأرض أن تزولا ولو نمت لزالتا.
قال: حدثنا إسماعيل بن موسى الحاسب اسم> قال: حدثنا جبارة اسم> قال: حدثنا علي بن مسهر اسم> عن إسماعيل بن أبي خالد اسم> عن يحيى بن رافع اسم> في قوله عز وجل: رسم> لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ قرآن> رسم> قال: النعاس.
قال: حدثنا إسماعيل اسم> قال: حدثنا جبارة اسم> قال: حدثنا مروان بن معاوية اسم> عن جويبر اسم> عن الضحاك اسم> في قوله عز وجل: رسم> لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ قرآن> رسم> قال: النعاس رسم> وَلَا نَوْمٌ قرآن> رسم> قال: الاستثقال.
قال: حدثنا محمود بن محمد الواسطي اسم> قال: حدثنا العباس بن عبد العظيم اسم> قال: حدثنا عبيد الله اسم> قال: حدثنا إسرائيل اسم> عن السدي اسم> عن أبي مالك اسم> رحمه الله قال: إن الأرضيين على حوت والسلسلة في أذن الحوت، والحوت في يد الله تبارك وتعالى، وذلك قوله تعالى: رسم> إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا قرآن> رسم> .
قال: حدثنا أحمد بن محمد بن شريح اسم> قال: حدثنا محمد بن رافع النيسابوري اسم> قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم اسم> قال: حدثني عبد الصمد اسم> أنه سمع وهب بن منبه اسم> رحمه الله تعالى يقول: إن ناسا من بني إسرائيل سألوا نبيهم عن الرب تبارك وتعالى أين يكون في أي البيوت يكون؟ أو نبني له بيتا نعبده فيه أو يبنى له بيتا؟ فأوحى الله عز وجل إليه: إن قومك يسألونك عني أين أكون فيعبدوني، وأي بيت يسعني ولم تسعني السماوات والأرضون؟ فإذا أروادوا مسكني فإني في قلب العفيف الوادع الورع.
قال: حدثنا محمد بن العباس اسم> قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي اسم> قال: حدثنا أبو معاوية اسم> قال: حدثنا الأعمش اسم> عن عمرو بن مرة اسم> عن أبي عبيدة عن أبي موسى اسم> رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رسم> يد الله بسطى لمسيء الليل ليتوب بالنهار ولمسيء النهار ليتوب بالليل حتى تطلع الشمس من مغربها متن_ح> رسم> .
قال: حدثنا محمد بن العباس اسم> قال: حدثنا محمد بن حسين بن إبراهيم اسم> و أحمد بن منصور اسم> قالا: حدثنا معاوية بن هشام اسم> قال: حدثنا سفيان الثوري اسم> عن الأعمش اسم> عن عمرو بن مرة اسم> عن أبي عبيدة عن أبي موسى اسم> رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رسم> إن الله عز وجل لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل النهار وعمل النهار قبل الليل، حجابه النار. لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه كل شيء أدركه بصره متن_ح> رسم> .
قال: حدثنا محمد بن العباس اسم> قال: حدثنا الدورقي اسم> قال: حدثنا بهز بن أسد اسم> قال: حدثنا شعبة اسم> عن عمرو بن مرة اسم> قال: سمعت أبا عبيدة يحدث عن أبي موسى اسم> رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رسم> إن الله تبارك وتعالى يبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، ويبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار حتى تطلع الشمس من مغربها متن_ح> رسم> .
قال: حدثنا محمد بن العباس اسم> قال: حدثنا محمد بن المثنى اسم> قال: حدثنا محمد بن جعفر اسم> قال: حدثنا شعبة اسم> عن عمرو بن مرة اسم> عن أبي عبيدة عن أبي موسى اسم> رضي الله عنه قال: رسم> قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع: إن الله عز وجل لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يرفع القسط ويخفضه، يرفع إليه عمل النهار قبل الليل وعمل الليل قبل النهار، وإن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها متن_ح> رسم> .
قال: حدثنا محمد بن العباس اسم> قال: حدثنا يوسف القطان اسم> قال: حدثنا جرير اسم> عن العلاء بن المسيب اسم> عن عمرو بن مرة اسم> عن أبي عبيدة عن أبي موسى اسم> رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رسم> إن الله عز وجل لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل النهار وعمل النهار قبل الليل، حجابه النار. لو كشف طبقا أحرق سبحات وجهه كل شيء أدركه بصره. واضع يده لمسيء الليل ليتوب بالنهار ومسيء النهار ليتوب بالليل حتى تطلع الشمس من مغربها متن_ح> رسم> .
قال: حدثنا محمد بن العباس اسم> قال: حدثنا يوسف بن موسى اسم> قال: حدثنا عبيد الله بن موسى اسم> حدثنا سفيان الثوري اسم> عن حكيم بن الديلم اسم> عن أبي بردة اسم> عن أبي موسى اسم> رضي الله عنه قال: رسم> قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن الله عز وجل لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل النهار وعمل النهار قبل الليل، حجابه النار. لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه كل شيء أدركه بصره متن_ح> رسم> .
قال: حدثنا أبو بكر البرذعي اسم> قال: حدثنا سليمان بن سيف الحراني اسم> قال: حدثنا أبو علي الحنفي اسم> قال: حدثنا عباد المنقري اسم> وهو عباد بن ميسرة اسم> عن محمد بن المنكدر اسم> قال: حدثنا عبد الله بن عمر اسم> رضي الله عنهما رسم> أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية وهو على المنبر: رسم> وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ قرآن> رسم> حتى بلغ رسم> سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ قرآن> رسم> فقال: . وذهب ثلاث مرات متن_ح> رسم> .
قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الجعد اسم> قال: حدثنا أبو إبراهيم الترجماني اسم> قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم اسم> عن أبيه عن عبيد الله بن مقسم اسم> قال: قال عبد الله بن عمر اسم> رضي الله عنهما: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو على المنبر: رسم> يأخذ الجبار سماواته وأرضيه بيده وقبض يده، وجعل يقبضها، ويبسطها ويقول: أنا الجبار، أنا الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ ويتميل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يمينه وعن شماله حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل منه حتى إني لأقول: هو ساقط برسول الله صلى الله عليه وسلم متن_ح> رسم> .
قال: حدثنا محمد بن العباس اسم> قال: حدثنا الحسن بن عرفة اسم> قال: حدثنا محمد بن صالح الواسطي اسم> عن سليمان بن محمد العمري اسم> عن عمر بن نافع اسم> عن أبيه عن ابن عمر اسم> رضي الله عنهما قال: رسم> رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما على هذا المنبر يعني منبر النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحكي عن ربه عز وجل وقال: إن الله عز وجل إذا كان يوم القيامة جمع السماوات السبع والأرضيين السبع في قبضته، ثم يقول: أنا الله الرحمن، أنا الملك أنا القدوس أنا المؤمن أنا المهيمن أنا العزيز الجبار، أنا المتكبر أنا الذي بدأت الدنيا لم تك شيئا، أنا الذي أعيدها أين الملوك؟ أين الجبابرة؟ رسم> .
قال: حدثنا أبو يحيى الرازي اسم> قال: حدثنا سهل بن عثمان اسم> قال: حدثنا يحيى بن يمان اسم> عن عمار بن عمر اسم> عن الحسن اسم> رحمه الله تعالى في قوله عز وجل: رسم> وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قرآن> رسم> قال: يقبضها وقضيضها كأنها جوزة في يده.
ورواه سفيان اسم> عن عمار الدهني اسم> عن مسلم البطين اسم> قال عن سعيد بن جبير اسم> عن ابن عباس اسم> رضي الله عنهما في قوله عز وجل: رسم> وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ قرآن> رسم> قال: السماوات والأرض قبضة واحدة.
قال: أخبرنا الوليد اسم> قال: حدثنا أحمد بن القاسم بن عطية اسم> قال: حدثنا المعافى بن سليمان اسم> قال: حدثنا محمد بن سلمة اسم> قال: حدثنا أبو الواصل اسم> عن أبي مليح الأزدي اسم> عن أبي الجوزاء اسم> عن ابن عباس اسم> رضي الله عنهما قال: يطوي الله عز وجل السماوات السبع بما فيهن من الخلائق والأرضيين بما فيهن من الخلائق، يطوي كل ذلك بيمينه فلا يرى من عند الإبهام شيء، ولا يرى من عند الخنصر شيء فيكون ذلك كله في كفه بمنزلة خردلة.
قال: حدثنا عبد الرحمن بن داود اسم> قال: حدثنا محمد بن العباس بن الدرفس اسم> قال: حدثنا أحمد بن أبي الحواري اسم> قال: حدثنا إبراهيم بن أيوب اسم> عن الوليد بن مسلم اسم> قال: يقيم ربنا عز وجل إذا مات الخلائق مثل عمر الدنيا بعدما يبعث الخلق قال أحمد: اسم> قلت لعمر بن عطاء: اسم> فأكربني هذا الحديث ثمانية وعشرين ألفا قال: فانظر كم كان قبل أن يخلق الخلق؟ وكم يكون بعدما يبعث الخلق؟
قال: أخبرنا إسحاق بن أحمد اسم> حدثنا أبو كريب اسم> قال: حدثنا سويد الكلبي اسم> عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة اسم> عن عبيد الله بن مقسم اسم> عن ابن عمر اسم> رضي الله عنهما قال: رسم> قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر: رسم> وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ قرآن> رسم> قال: يُنعت أنه استقبل براحته إلى السماء وقال: أنا العزيز أنا الجبار أنا المتكبر، يمجد نفسه فرجف المنبر حتى ظننا أنه يقع متن_ح> رسم>.
هذه أحاديث تدل على العظمة كما هو عنوان الكتاب، وإذا تصور أو تخيل العبد عظمة الله تعالى صغرت عنده الدنيا، وصغر عنده أهلها وعظم قدر ربه في قلبه؛ فيحمله ذلك على أن يخلص العبادة لله وأن يفني نفسه ويمضي أوقاته في تعظيم العظيم وفي إجلاله وفي إكباره، يستحضر أن ربه وتعالى هو الكبير المتعال، وأنه أكبر من كل شيء، وأن المخلوقات مهما عظمت فإنها حقيرة بالنسبة إلى عظمته سبحانه.
قد أخبر الله تعالى بقوله: رسم> وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ قرآن> رسم> والأرض جميعا. أي: جميع الأراضي سبع أرضين الله أعلم أين هي، وكذلك السماوات رسم> سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا قرآن> رسم> كل سماء محيطة بالأرض من كل جهاتها، فهذه المخلوقات السماوات السبع والأرضين السبع يقبضها ربنا سبحانه وتعالى يوم القيامة ويقول:.. كما سمعنا يقول: رسم> أنا الملك أين ملوك الأرض أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ متن_ح> رسم> .
ويستدل على ذلك بقوله تعالى: رسم> لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ قرآن> رسم> أي أنه يقول: لمن الملك اليوم أي في ذلك اليوم يتخلى كل عما يملك فلا أحد يختص بشيء بل كل يتبرأ مما كان يملك. كما ذكر أنه عندما يبعثون يأمر الله الأرض أن تخرج أثقالها رسم> وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا قرآن> رسم> يعني كنوزها فيمر الإنسان بكنز فيقول: في هذا قطعت يدي أو في هذا عصيت ربي، أو بسبب هذا كفرت أو خالفت ما أمرت به أو وقعت في منكر بسبب هذا وبسبب هذا، والشاهد من ذلك استحضار أن الرب سبحانه أعظم من كل شيء وأن الذين يعبدون غيره ما قدروه حق قدره. الذين يعبدون أنواعا من البشر كالذين يعبدون الأولياء أو السادة أو الشهداء أو الصالحين أو الملائكة، أو نحوهم؛ يعتقدون فيهم أنهم يدبرون الكون، وأنهم يتصرفون في الملك، وأن لهم قوة ولهم قدرة، ولهم تمكن في أخذ ما يريدون، وإعطاء ما يريدون فيعلقون عليهم الآمال ويرجونهم، ويدعونهم مع الله أو من دون الله، ويعتقدون فيهم أنهم ينفعون من دعاهم أو أنهم يضرون من كفر بهم، وأنهم بيدهم شيء من التصرف. ينسون قول الله تعالى: رسم> يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ قرآن> رسم> الأمر يومئذ لله وحده.
ينسون أن الله تعالى هو رب الأرباب، ومسبب الأسباب، وعلام الغيوب، ومدبر الخلائق، والمتكفل بأرزاقهم وحده، وهو الذي انفرد بخلق المخلوقات، وبتدبيرها. فإذا كان كذلك فكيف يرفع المخلوق إلى رتبة الخالق؟ يجب على من عرف عظمة الله وأخذ ذلك من الأدلة التي سمعنا أن يعتقد عظمة الخالق، وأن المخلوقين لا يصلون إلى شيء من رتبته ولا يعطون شيئا من حقه.
من عظمته سبحانه أنه يمسك السماوات والأرض أن تزولا. أخبر بذلك. هذه السماوات معلقة في هذا الهواء وكذلك هذه الأرض معلقة كما يشاء. الذي يمسكها حتى لا تضطرب وحتى لا يزول ما عليها هو الخالق وحده، هو الله وحده دون ما سواه. فلو اجتمع الخلق كلهم ليسخروا هذا لما قدروا. لو اجتمعوا على أن يوقفوا سير الشمس أو يسرعوا في سيرها فوق سيرها المعتاد لما قدروا. لو اجتمعوا على أن يرسلوا الرياح إذا سكنت لما قدروا. هو الذي يرسل الرياح كما أخبر بذلك، ولو اجتمعوا على أن ينشئوا السحب التي ينشئها الله تعالى، وتحمل الماء الكثير وتمطر إذا شاء على من يشاء. لو اجتمعوا لما قدروا على أن يغيروا سيرها إذا سارت، وكذلك إذا أرسل الله الرياح الشديدة العاصفة التي قد تقلع الأشجار، وتهدم الدور، وتقلب الحجارة الكبيرة، ولا يقف في طريقها شيء. مَن الذي يمسكها أو يردها إذا أرسلها سبحانه وتعالى؟ أخبر بأنه يمسك السماوات والأرض أن تزولا يعني أن تزول من مكانها بل هي ثابتة كما ثبتها وكما خلقها سبحانه وتعالى.
ورد في الحديث الذي سمعنا وتكرر قوله صلى الله عليه وسلم، قول الصحابة: قام فينا الرسول صلى الله عليه وسلم بأربع فقال: رسم> إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام؛ يخفض القسط ويرفعه، يُرفع إليه عمل الليل قبل النهار وعمل النهار قبل الليل، حجابه النور أو النار لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه متن_ح> رسم> .
أخبر في هذا بأنه تعالى هو الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم، لا ينام كنوم المخلوق؛ وذلك لأن المخلوق يرهقه التعب، ويرهقه العمل فجعل الله له النوم ليريح جسده، ليريح نفسه وقتا من الأوقات حتى يكون بعد ذلك قد استعاد قوته ونشاطه، فأما الرب سبحانه فإنه الحي القيوم، الذي لا تأخذه سنة ولا نوم، لا ينبغي له أن ينام.
سمعنا أيضا القصة التي ذكرت عن موسى اسم> أنه قال: يا رب هل تنام؟ فقال: يا موسى اسم> خذ زجاجتين، وقم طوال الليل. يقولون: إنه أخذ الزجاجتين وقام قائما طوال النهار وهو ممسك كل واحدة بيده ولكن سرعان ما نعس، ولما نعس اصطفقت الزجاجتان فانضربت كل واحدة منهما بالأخرى فتكسرتا فقال الله: يا موسى اسم> إني لا أنام.
لو نام الرب تعالى لاختلت هذه المخلوقات التي هو يمسكها، لاضطربت السماوات والأرض التي يمسكها بقوته، وكذلك الأرض وكذلك الأفلاك والنجوم والشمس والقمر، وما أشبهها هو الذي يمسكها كما يشاء.
وروي رسم> أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا استيقظ من النوم يقرأ قول الله تعالى: الحمد لله الذي رسم> يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ قرآن> رسم> رسم> يستفتح نهاره بهذه الآية ونحوها التي يتذكر فيها عظمة ربه، وأنه الذي يمسك هذه المخلوقات، وأخبر بأنه يخفض القسط ويرفعه.
القسط هو العدل أو قيل: إنه الميزان يخفضه، ويرفعه أو قيل: إنه التصرف بالخلق بمعنى أنه يرفع من يشاء، ويخفض من يشاء فيعطي هذا، ويمنع هذا ويفقر ويغني، ويميت ويحي، ويمرض ويشفي يخفض قوما، ويرفع آخرين، ويغير الأحوال من حال إلى حال كل ذلك من تصرفه في هذا الكون وحده. يرفع إليه عمل الليل قبل النهار وعمل النهار قبل الليل. الأعمال التي يعملها العباد ترفع إليه في حينها لا يتأخر مع أنه عالم بها قبل أن ترفع، ولكن ترفع حتى ترصد للعاملين عمل الليل قبل النهار وعمل النهار قبل الليل.
كذلك أخبر صلى الله عليه وسلم بأن الله رسم> يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، يبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل متن_ح> رسم> وهذا البسط كما هو نؤمن به بمعنى أننا نعتقد أنه يبسط يده، يحث على التوبة قبل الليل ليتوب المسيء في النهار، ويبسط يده بالليل ليتوب المسيء قبل النهار. هكذا يحث عباده على التوبة. أخبر بأن حجابه النور، احتجب عن عباده بهذا النور.
قد أخبر الله تعالى بأنه نور في قوله تعالى: رسم> اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قرآن> رسم> .
وكذلك أخبر النبي صلى الله عليه سلم لما سئل هل رأيت ربك؟ قال: رأيت نورا، أو نور أنى أراه يقول في هذا الحديث: رسم> لو كشفه لأحرقت سبحات وجه ما انتهى إليه بصره من خلقه متن_ح> رسم> احتجب عن عباده بهذا النور، الذي هو نور لا يستطيع أن يمثل أحد أمامه. لو كشف هذا النور لأحرقت سبحات وجهه جلال وجه وعظمة وجه ما انتهى إليه بصره من خلقه من الأجرام الكبيرة والصغيرة، ولكنه سبحانه حليم كما يحلم عن عباده ويعفو عنهم.
نكمل ذلك إن شاء الله في الأسبوع الأتي.
س: مر في الكتاب ذكر أن حجاب الله جل وعلا النور، وورد بلفظ آخر أن حجابه النار فما هو الجمع بين ذلك؟ سؤال> معروف أن الأصل أن النور من ضوء النار، هذا هو الأصل المعروف أنه لا يكون نور إلا من ضوء النار عادة، ولذلك قال تعالى: رسم> يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ قرآن> رسم> فلا مانع من أن يكون يعني نورا، ولكن لشدة إضاءته يكون فيه حرارة شديدة، ولذلك قال: رسم> لو كشفه لأحرقت سبحات وجه ما انتهى إليه بصره من خلقه متن_ح> رسم> أي أن من شدة ذلك النور قد يحرق حتى الجمادات وما أشبهها.
مسألة>