اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . logo عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
184474 مشاهدة print word pdf
line-top
الله هو وحده الذي يرفع ويخفض

...............................................................................


ما سمعنا من الآية التي جاءت في أول سورة الواقعة قول الله تعالى: إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ سمعنا أن بعض السلف يقول: إنها تخفض أناسًا كانوا في الدنيا مرتفعين وترفع أناسًا كانوا في الدنيا منخفضين.
والخفض والرفع ليس هو شيء محسوس. معلوم مثلاً أن خلق الإنسان مستوٍ ولكل نوع الإنسان ليس بينه تفاوت. يوجد السمع في هذا وفي هذا وفي هذا. يوجد مثلاً في العجمي وفي العربي توجد الأيدي والأرجل في هذا، وفي هذا وكذلك أيضاً توجد هذه الحواس التي يكون بها الإنسان سمعه وبصره وعقله وعلمه وفهمه وقوته توجد في المملوك وتوجد في الصعلوك وتوجد في الغني وتوجد في الفقير ولكن العادة أن الناس في الدنيا يتفاوتون بين رفيع القدر، وبين مخفوض القدر فيكون هذا مرتفعا عند الناس يعني: له منصب وله مكانة رفيعة يحترمونه ويقدرونه ويقدسونه ويعلمون أنه ذو مكانة عالية.
وكذلك أيضًا يكون هناك أناس ليس لهم هذا المكان من الاحترام بل هم ضعفاء وفقراء وأذلاء مهينون، ففي يوم القيامة ذكر الله أن القيامة خافضة رافعة. الله تعالى هو الذي يرفع هذا ويخفض هذا من أسمائه تعالى الخافض الرافع، الخافض، الرافع هذه قالوا: إنها من الأسماء المزدوجة التي لا يصلح أن يوصف بواحد منها حتى ينضم إليه الآخر مثل اسم المعز، المذل مزدوجان. يعني: يعز من يشاء ويذل يشاء.
كما أخبر بذلك يخفض من يشاء، ويرفع من يشاء. كذلك مثل أنه يغني ويفقر. أي: يغني من يشاء، ويفقر من يشاء فهو سبحانه المتصرف فتظهر هذه الآثار في يوم القيامة. يعني أن هناك أناس كانوا من المتكبرين ومن المعجبين الذين يتكبرون على الخلق، فإذا كان في يوم القيامة رأيتهم من الأذلة المخفوضين، الذين ذهب ما كانوا فيه من الأبهة في الدنيا ومن الترفع ومن الاعتزاز، وكذلك الخلق الآخرون الذين كانوا أذلة لا يحترمهم الناس ولا يعرفون لهم مكانتهم، ولكنهم من عباد الله الصالحين يكونون في ذلك اليوم ممن ارتفع قدرهم وعرفوا بالفضل، فنعرف أن الوصف كله إنما هو لله سبحانه تعالى هو الذي يخفض ويرفع، ويعطي ويمنع، ويصل ويقطع الذي يتصرف في الكون كما يشاء. هذا بعض ما دلت عليه هذه النصوص، والله أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد .

line-bottom