شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
خلق الملائكة وفزعهم من أوامره وكلامه
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد اسم> وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال رحمه الله تعالى: حدثنا عبد الله بن محمد بن زكريا اسم> قال: حدثنا سعيد بن يحيى اسم> قال: حدثنا مسلم بن خالد الزنجي اسم> عن أبي بكر الهذلي اسم> رحمه الله تعالى قال: ليس من الخلق أقرب إلى الله عز وجل من إسرافيل اسم> قال: بينه وبين الله عز وجل سبعة حجب. حجاب من نور، وحجاب من غمام حتى عد سبعة لا أحفظها. قال: وله جناح بالمشرق وجناح بالمغرب وجناح في الأرض السابعة، وجناح عند رأسه وهو واضع رأسه بين جناحيه، فإذا أمر الله عز وجل بالأمر تدلت الألواح على إسرافيل اسم> مما فيها من أمر الله تعالى فينظر فيها إسرافيل اسم> ثم ينادى جبريل اسم> فيجيبه فلا يسمع صوته أحد من الملائكة إلا صعق؛ فإذا أفاقوا قالوا: رسم> مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ قرآن> رسم> وإن ملك الصور الذي وكل به إحدى قدميه لفي الأرض السابعة، وهو جاثم على ركبتيه شاخص بصره إلى إسرافيل اسم> ما طرف به منذ خلقه الله عز وجل ينتظر متى يشير إليه فينفخ في الصور.
قال: حدثنا الوليد اسم> قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم اسم> قال: حدثنا حجاج اسم> قال: حدثنا حماد اسم> عن عاصم بن بهدلة اسم> عن زر بن حبيش اسم> عن ابن مسعود اسم> رضي الله عنه قال: ما بين السماء الدنيا والتي تليها مسيرة خمسمائة عام، وما بين السماء الثالثة والتي تليها وبين الأخرى مسيرة خمسمائة عام، وبين كل سماءين مسيرة خمسمائة عام، وبين السماء السابعة وبين الكرسي خمسمائة عام، والعرش فوق الماء والله عز وجل فوق العرش وهو يعلم ما أنتم عليه.
قال: حدثني الوليد اسم> قال: حدثنا محمد بن عمار اسم> قال: حدثنا يحيى اسم> قال: حدثنا شبل اسم> عن ابن أبي نجيح عن مجاهد اسم> رحمه الله تعالى في قوله عز وجل: رسم> وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا قرآن> رسم> قال: بين السماء السابعة وبين العرش سبعون ألف حجاب، حجاب نور وحجاب ظلمة، وحجاب نور وحجاب ظلمة، فما زال موسى اسم> عليه السلام يقرب حتى كان بينه وبينه حجاب؛ فلما رأى مكانه، وسمع صريف القلم قال: رسم> رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قرآن> رسم> .
قال: حدثنا الوليد اسم> قال: حدثنا أبو حاتم اسم> قال: حدثنا سعيد اسم> قال .طامي: اسم> قال: حدثنا هشيم اسم> عن أبي بشير اسم> عن مجاهد اسم> رحمه الله تعالى قال: بين العرش وبين الملائكة سبعون حجابًا، حجاب من نار وحجاب من ظلمة، وحجاب من نور وحجاب من ظلمة.
قال: جدي رحمه الله تعالى يحدث عن إدريس بن سنان اسم> عن أبيه عن جده وهب بن منبه اسم> وعن والده رحمه الله تعالى قال: بين ملائكة حملة الكرسي وبين ملائكة العرش سبعون حجابًا من الظلمة، وسبعون حجابًا من البرد، وسبعون حجابًا من الثلج، وسبعون حجابًا من النور، غلظ كل حجاب منها مسيرة خمسمائة عام. ومن الحجاب إلى الحجاب مسيرة خمسمائة عام. ولولا تلك الحجب لاحترقت ملائكة الكرسي من نور ملائكة العرش، فكيف بنور الرب سبحانه وتعالى الذي لا يوصف.
قال: قال جدي: وأخبرني أبو يعقوب المروزي اسم> قال: حدثنا روح اسم> قال: حدثنا العوام بن حوشب اسم> عن مجاهد اسم> قال رحمه الله تعالى قال: بين الملائكة وبين العرش سبعون ألف حجاب من نور.
قال: حدثنا محمد بن العباس اسم> قال: حدثنا علي بن الحسين الدرهمي اسم> قال: حدثنا معتمر اسم> عن عبد الجليل اسم> عن أبي حاتم اسم> عن عبد الله بن عمرو اسم> رضي الله عنهما: رسم> هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ قرآن> رسم> قال: يهبط حين يهبط بينه وبين خلقه سبعون ألف حجاب من النور والظلمة والماء، فيصوت الماء في تلك الظلمة صوتًا تنخلع له القلوب.
قال: قال جدي: وحدثني محمد بن مروان اسم> عن جبير اسم> عن الضحاك اسم> رضي الله عنه رسم> يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا قرآن> رسم> قال: الروح: حاجب الله عز وجل يقوم بين يدي الله تعالى وهو أعظم الملائكة. لو فتح الروح فاه لوسع جميع الملائكة في فيه، والخلق إليه ينظرون فمن مخافته لا يرفعون طرفه إلا من فوقه.
قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن سلم اسم> قال: حدثنا نوح بن حبيب اسم> قال: حدثنا مؤمل اسم> قال: حدثنا حماد بن سلمة اسم> عن علي بن زيد اسم> عن عبد الله الحارث اسم> قال: كنت عند عائشة اسم> رضي الله عنها وعندها كعب اسم> رحمه الله تعالى، فقالت: حدثنا يا كعب اسم> عن إسرافيل اسم> فقال: عندكم قلم. قلت: أجل. ولكن حدثنا قال: هو ملك الله تبارك وتعالى ليس دونه شيء، جناح له بالمشرق وجناح له بالمغرب، وجناح على كاهله، والعرش على كاهله. فقالت عائشة اسم> -رضي الله عنها- هكذا سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول. قال كعب اسم> رحمه الله تعالى: كفى به فإذا أراد الله أمرًا أثبته في اللوح.
قال: حدثنا أحمد بن محمد بن شريح اسم> قال: حدثنا محمد بن رافع النيسابوري اسم> قال: حدثنا إسماعيل اسم> قال: حدثني عبد الصمد بن معقل اسم> قال: سمعت وهبًا اسم> رحمه الله تعالى يقول: إن أدنى الملائكة من الله تعالى جبريل اسم> وميكائيل اسم> فإذا ذكر عبدًا بأحسن عمله قال: فلانا بن فلان عمل كذا وكذا من طاعتي، صلواتي عليه. ثم سأل ميكائيل اسم> جبريل اسم> ما أحدث ربنا؟ فيقول: فلان ابن فلان ذكره بأحسن عمله، فصلى عليه صلوات فصل عليه صلوات الله عليه. فلا يزال يقع من سماء إلى سماء حتى يقع إلى الأرض. وإذا ذكر عبدًا بأسوأ عمله، قال: عبدي فلان ابن فلان عمل كذا وكذا من معصيتي. فلعنتي عليه، ثم سأل ميكائيل اسم> جبريل اسم> ماذا أحدث ربنا؟ فيقول: ذكر فلان ابن فلان بأسوأ عمله فعليه لعنة الله. ثم سأل ميكائيل اسم> من وراءه من أهل السماء، فيقول: ماذا أحدث ربنا؟ فيقول: ذكر فلان ابن فلان بأسوأ عمله فعليه لعنة الله، فلا يزال يقع من سماء إلى سماء حتى يقع إلى الأرض.
قال: حدثنا الوليد اسم> قال: حدثنا أبو حاتم اسم> قال: حدثنا محمد بن مسطع اسم> قال: حدثنا يحيى بن سعيد التنسي اسم> عن إسماعيل بن عياش اسم> عن الأحوص بن حكيم اسم> عن شهر بن حوشب اسم> عن ابن عباس اسم> رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه، فقال: رسم> ما جمعكم؟ فقالوا: اجتمعنا نذكر ربنا ونتفكر في عظمته. فقال: لن تدركوا التفكر في عظمته. ألا أخبركم ببعض عظمة ربكم؟ قلنا: بلى يا رسول الله. قال: إن ملكًا من حملة العرش يقال له: إسرافيل اسم> زاوية من زوايا العرش على كاهله قد مرقتا قدماه في الأرض السابعة السفلي ومرقت رأسه من السماء السابعة العليا رسم> .
قال: حدثنا الوليد اسم> قال: حدثنا أحمد بن القاسم اسم> قال: حدثنا إبراهيم بن موسى اسم> قال: أخبرنا عبد الرزاق اسم> عن معمر اسم> عن ابن أبي نجيح اسم> قال: أخبرني ابن منبه اسم> رحمه الله تعالى رسم> فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ قرآن> رسم> قال: هي ما بين أسفل الأرض إلى العرش.
قال: حدثنا شبل الواسطي اسم> . قال: حدثنا وهب بن عطية اسم> قال: حدثنا خالد اسم> عن خالد الحذاء اسم> عن الوليد بن مسلم اسم> عن أبي بشير اسم> عن عبد الله بن رباح اسم> عن كعب اسم> رحمه الله تعالى أنه قال لعائشة اسم> رضي الله عنها: هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في إسرافيل اسم> شيئًا؟ قالت: كيف تجدونه في التوراة؟ قال: نجد له أربعة أجنحة: جناح بالمشرق، وجناح بالمغرب ولوح على جبهته، وإذا أراد الله عز وجل أمرًا أثبته في اللوح.
قال: حدثنا الوليد اسم> قال: حدثنا أبو حاتم اسم> إملاء قال: حدثنا محمد بن عمران بن أبي ليلى اسم> قال: حدثني أبي عن ابن أبي ليلى اسم> عن الحكم اسم> عن مقسم اسم> عن ابن عباس اسم> رضي الله عنهما قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه جبريل اسم> يناديه؛ إذ شق أفق السماء فأقبل جبريل اسم> يدنو من الأرض ويدخل بعضه في بعض ويتضاءل، فإذا ملك قد مثل بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد اسم> إن الله تبارك وتعالى يأمرك أن تختار بين عبد نبي أو ملك نبي. فأشار إلي جبريل اسم> بيديه أن تواضع فعرفت أنه لي ناصح، وقلت: عبدًا نبيًا قال: فعرف ذلك الملك من السماء. فقلت يا جبريل اسم> قد كنت أردت أن أسألك عن هذا، فرأيت من حالك ما شغلني عن المسألة فمن هذا يا جبريل اسم> قال: هذا إسرافيل اسم> خلقه الله يوم خلقه بين يديه صافًّا قدميه لا يرفع طرفه. بين يديه، وبين الرب عز وجل سبعون نورًا ما فيها نور كان يدنو منه إلا احترق، فإذا أذن الله عز وجل في شيء في السماء أو في الأرض ارتفع ذلك اللوح حتى يضرب جبهته فينظر فيه فإن كان من عملي أمرني به وإن كان من عمل ميكائيل اسم> أمره به، وإن كان من عمل ملك الموت أمره به. قلت: يا جبريل اسم> وعلى أي شيء أنت؟ قال على الريح والجنود. فقلت فعلى أي شيء ميكائيل اسم> قال: على النبات والقطر. فقلت: فعلى أي شيء ملك الموت؟ قال: على قبض الأنفس وما ظننت أنه هبط إلا بقيام الساعة.
قال: حدثنا الوليد اسم> قال: حدثنا أبو حاتم اسم> قال: حدثنا أبو صالح اسم> قال: حدثني معاوية بن صالح اسم> أن عبد القادر اسم> حدثه عن خالد بن أبي عمران اسم> أنه قال: جبريل اسم> أمين الله تعالى إلى رسله وميكائيل اسم> يتلقى الكتب و إسرافيل اسم> بمنزلة الحاجب.
قال: حدثنا أبو مسلم محمد بن عمران بن بنيد اسم> قال حدثنا يعقوب بن إسحاق الدشتكي اسم> قال: حدثنا إسحاق يعني: ابن سليمان قال: حدثنا أبو سنان اسم> قال: أقرب الخلق من الله تبارك وتعالى اللوح، وهو معلق بالعرش. فإذا أراد الله عز وجل أن يوحي بشيء كتب في اللوح. فيجيء اللوح حتى يقرع جبهة إسرافيل اسم> وإسرافيل اسم> قد غطى وجهه بجناحه أو جناحيه، لا يرفع بصره إعظامًا لله عز وجل، فينظر فيه فإذا كان إلى أهل السماء دفعه إلى ميكائيل اسم> وإن كان إلى أهل الأرض دفعه إلى جبريل اسم> فأول ما يحاسب يوم القيامة اللوح يدعى به ترعد فرائصه، فيقال له: هل بلغت؟ فيقول: نعم فيقول ربنا تبارك وتعالى: من يشهد لك؟ فيقول: إسرافيل اسم> فإذا إسرافيل اسم> ترعد فرائصه فيقال له: هل بلغك اللوح؟ فإذا قال إسرافيل: اسم> نعم. فيقول اللوح: الحمد لله الذي نجاني من سوء الحساب.
لا شك أن عظمة هذه المخلوقات تدل على عظمة من خلقها؛ فالله سبحانه وتعالى خلق الأرض، وأخبر بأنها سبع أرضين نحن على أرض واحدة، ولا نعلم أين بقية الأرض؛ بقية السبع؟ هي كما يشاء الله. قد يكون فيها خلق، وقد يكون فيها نبات أو فيها مخلوقات. وكذلك خلق سبع سماوات طباقا، وأوحى في كل سماء أمرها. فلا شك أن كل سماء فيها ملائكة وفيها أمر ونهي ووحي. وقد ورد في الأحاديث أن ما بين كل سماءين مسيرة خمسمائة سنة، ليس مائة ولا خمسين ولا عشر سنين. خمسمائة سنين مسيرة ما بين السماءين. وكذلك غلظ كل سماء بهذا المقدار أيضًا. وكذلك ما فوق السماء السابعة من البحار ومن الأنوار ومن الحجب ومن حملة العرش، كل ذلك من خلق الله، وكلها صغيرة بالنسبة إلى عظمة الخالق سبحانه وتعالى.
فإذا عرفنا عظمة هذه المخلوقات فإنها تدل على عظمة من خلقها؛ فالله تعالى خلق اللوح وذكره في قوله تعالى: رسم> فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ قرآن> رسم> وفي قوله تعالى: رسم> وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ قرآن> رسم> وهذا اللوح قد كتب فيه ما هو كائن إلى يوم القيامة منذ أن خلق إلى أن تقوم الساعة أعمال بني آدم وكلماتهم، وكذلك حسناتهم وسيئاتهم وما يعملون وما يحدث من الخلق كلهم مع كثرتهم.
مسألة>