شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
كتاب الروض المربع الجزء الثاني
97388 مشاهدة
حكم العذر بالجهل والنسيان في الوطء والصيد


دون فدية وطء وصيد وتقليم وحلق، فتجب مطلقا؛ لأن ذلك إتلاف فاستوى عمده وسهوه كما للآدمي.


نقول: هذا عذره إتلاف قد يقال: إن الطيب أيضا فيه إتلاف؛ لأنه أتلف هذا الطيب فكيف جعلتم هذا إتلافا وهذا ليس بإتلاف؟ وأيضا فالشعر ينبت بدله فليس فيه إتلاف محسوس، وكذلك الظفر ينبت أيضا مكانه، فكيف يكون هذا إتلافا؟ وقد يقال أيضا: الوطء ليس فيه إتلاف وكذلك المباشرة ليس فيه إتلاف ظاهر، وبكل حال فلعل الأولى أن الجميع يعذر فيه بالجهل والنسيان، يمكن أن لا يعذر بالوطء؛ لأن الوطء غالبا تطول مدته؛ ولأنه يكون بين اثنين والغالب أنه لا يكون النسيان عامًّا لهما، فلا يصدق من ادعى النسيان أو الجهل أو نحو ذلك إذا كان ممن نشأ في بلاد الإسلام.
فالحاصل أنهم جعلوا ثلاث فديات تسقط بالنسيان وهي: فدية تغطية الرأس ولبس المخيط والطيب، وأربعا لا تسقط: فدية الوطء والصيد والتقليم والحلق. هذه سبع، ولم يتعرضوا للمباشرة؛ لأنها تابعة للوطء، ولا لعقد النكاح؛ لأنه باطل ولا يحصل به فعل محظور. نعم.
... معذور.