(يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
كتاب الروض المربع الجزء الثاني
88788 مشاهدة
تعدد الفديات بتعدد المحظورات


فمن فعل محظورا من أجناس بأن حلق وقلم أظفاره ولبس المخيط فدى لكل مرة. أي: لكل جنس فديته الواجبة فيه سواء رفض إحرامه أو لا؛ إذ التحلل من الحج لا يحصل إلا بأحد ثلاثة أشياء كمال أفعاله أو التحلل عند الحصر أو بالعذر إذا شرطه في ابتدائه، وما عدا هذه لا يتحلل به ولو نوى التحلل لم يحل.


يقول: من فعل محظورات متعددة قلنا: عليك فديات بعددها حتى ولو رفض إحرامه. فلو مثلا أحرم بعمرة ثم إنه وجد زحاما، فقال: لا حاجة في هذه العمرة سأبطلها، وذهب ولبس ثيابه ولبس عمامته وتطيب وقص شاربه وقلم أظفاره ووطئ أهله في هذه الحال نقول: أنت باق على إحرامك، ولا يبطل الإحرام بإبطالك له، وأفعالك هذه التي فعلتها عليك فيها فديات عن كل واحد منها، فأنت باق على إحرامك عليك أن تعيد إحرامك وتذهب لتكميله، ولا يجوز لك أن تلغي الإحرام، فالإحرام لا يبطل ولا ينتهي إلا بهذه الثلاثة: إما بانتهاء أعماله؛ طاف وسعى وحلق في العمرة أو في الحج، رمى وحلق وطاف وسعى كمل أعماله وتحلل.
أو بالإحصار بأن حال بينه وبين الحرم عدو أو ضل الطريق أو نحو ذلك ففي هذه الحال يقول تعالى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ الثالث: العذر. بشرط أن يشترط إذا اشترط بقوله: فمحلي حيث حبستني فمرض مثلا أو تعب فله أن يتحلل بدون فدية، فأما كونه يبطل إحرامه؛ لأجل الزحام أو لأجل المشقة فإنه لا يبطل الإحرام، بل هو باق على إحرامه ولو بقي سنة أو سنوات، نقول له: أنت باق على إحرامك لا يحل لك ما تفعله من هذه المحظورات. يجب عليك أن تخلع ثيابك وتلبس إحرامك وتذهب لتكمل نسكك.
هذا هو الصواب؛ لأن الله تعالى أمر بالإتمام: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فلا يتمان إلا بأعمالهما؛ فعلى هذا كثير في هذه السنة جاءوا في رمضان في آخر رمضان فوجدوا زحاما، فعند ذلك ذهبوا إلى جدة أو إلى الطائف وتحللوا منهم من جامع أهله ولبس ثيابه وغطى رأسه وقص شعره وقلم أظفاره وتطيب ثم بعد ذلك سألوا أو سأل بعضهم وقال: إنا ألغينا إحرامنا بسبب الزحام، فقيل لهم: لا يبطل الإحرام بالإبطال عليكم أن تعودوا لإكماله، وعليكم فدية عن كل محظور، ففدية اللباس هي مثلا فدية من صيام أو صدقة أو نسك، صيام ثلاثة أيام إطعام ستة مساكين وذبح شاة، فدية تغطية الرأس كذلك، فدية قص الشعر كذلك، فدية تقليم الأظفار كذلك، فدية الطيب كذلك.
وهكذا لو صادوا صيدا قبل أن يتحلل، لو قال: أنا خلعت إحرامي وأبطلته لماذا لا أصيد؟
نقول: إنك ما أبطلته، فأنت على إحرامك، فعليك أن تفدي عن هذا الصيد؛ جزاء الصيد؛ فلا يبطل الإحرام بمثل هذا العذر، ولو طالت المدة فليس عليه إلا فدية عن كل واحد. لو بقي مثلا سنة أو عشر سنين وهو ما كمل عمرته. نقول: عليك فدية اللباس، ولو طالت مدته، وفدية تغطية الرأس، وفدية الطيب ولو تكرر، وفدية الحلق، وفدية التقليم، فهذه لكل واحد ثلاثة آصع، لكل ستة مساكين أو صيام ثلاثة أيام أو ذبح شاة لكل واحد.
أما فدية الجزاء فعن كل صيد فديته ولو كثر. أما فدية المباشرة والتقبيل ففيها شاة عن كل مباشرة، وكذلك فدية الوطء. عليه شاة إذا كان في العمرة وبدنة إذا كان في الحج قبل التحلل الأول كما تقدم.