إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
كتاب الروض المربع الجزء الثاني
79221 مشاهدة
ما يجب للذميين على بذل الجزية

ومتى بذلوا الواجب عليهم من الجزية وجب قبوله منهم، وحرم قتالهم وأخذ مالهم، ووجب دفع من قصدهم بأذى ما لم يكونوا بدار حرب.


وذلك لأنهم ما بذلوا الجزية إلا ليأمنوا على دمائهم وأموالهم ونسائهم، فإذا بذلوا الجزية والتزموا أحكام الإسلام -كما سيأتي- فإنهم يقبل ذلك منهم، ويؤمنون على محارمهم وأموالهم، ومن اعتدى عليهم يعاقب ويدفع؛ يدفع من اعتدى عليهم أو ظلمهم، يؤخذ الحق ممن ظلمهم، وكذلك يعطون التصرف في أموالهم ولكن التصرف الذي يقره الإسلام؛ لأنا نقرهم على أحكام الإسلام فلا يستعملون الربا حتى مع أفرادهم؛ لأن الربا محرم في ديننا، ولا يظهرون شرب الخمر ولا بيعها علنا، وأما إذا شربوها في داخل بيوتهم فإنهم يرون أنها مباحة لهم فلا يعاقبون ولا يمنعون. كذلك أيضا يمنعون من الزنا؛ لأنهم يعتقدون تحريمه.
وإذا فعلوا شيئا من هذه الأمور التي يمنعها الإسلام فإنهم يقاتلون وينتقض بذلك عهدهم؛ لأن الإسلام إنما أقرهم على أن يعملوا بتعاليمه ولو لم يلتزموا بالعبادات الإسلامية.
لا نلزمهم بأن يصلُّوا، ولا بأن يزكوا، ولا بأن يصوموا معنا أو يحجوا معنا أو يجاهدوا معنا، ولا نلزمهم بأن يقرءوا القرآن؛ كتابنا، ولا بأن يتركوا قراءة الإنجيل أو غيره من الكتب التي عندهم، ما نلزمهم بذلك. إنما نلزمهم بالتعاليم الظاهرة التي هي أحكام الإسلام، وسيأتينا شيء من تفصيله.
والحاصل أنهم إذا بذلوا الجزية والتزموا بأحكام الإسلام فإنهم يؤمنون على أنفسهم وعلى أموالهم وعلى ذراريهم وعلى تجاراتهم وصناعاتهم ونحوها، ويقرون عليها، وكذلك أيضا يُدفع عنهم من اعتدى عليهم ظلما وعدوانا، يمنع ويقاتل أو يحبس حتى ينزجر هو وأمثاله. نعم.