قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. logo عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
shape
كتاب الروض المربع الجزء الثاني
124261 مشاهدة print word pdf
line-top
من يرخص له في الدفع ليلا

وله الدفع من مزدلفة قبل الإمام بعد نصف الليل ؛ لقول ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: كنت فيمن قدم النبي صلى الله عليه وسلم في ضعفة أهله من مزدلفة إلى منى متفق عليه والدفع قبله أي: قبل نصف الليل فيه دم، على غير سقاة ورعاة سواء كان عالما بالحكم أو جاهلا، عامدا أو ناسيا.


المبيت بمزدلفة يقولزن حده إلى نصف الليل؛ لأن من بات إلى نصف الليل يصدق عليه أنه بات، بات بها؛ فلذلك إذا انصرف منها قبل نصف الليل فعليه دم؛ لأنه ترك المبيت، فأما إذا انصرف منها بعد نصف الليل فلا.
واستدلوا بالرخصة للظعن والضعفة، الذين رخص لهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يدفعوا في آخر الليل قبل حقمة الناس فدفعوا، وكان ابن عباس منهم، كانوا مِن جملة مَن أذن لهم في الانصراف، وتوجه إلى منى مع الظعن والضعفة، وبقي كثير من الصحابة أو أكثرهم، ما أذن إلا لبعض أمهات المؤمنين كأم سلمة وأذن أيضا لبعض الشباب، ولكنه قال لهم: لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس وكأنه أذن لهم ليكونوا محارم للظعن؛ فعلى هذا إذا كان هناك نساء ضعفة يخشين حقمة الناس جاز لوليهم أن ينصرف آخر الليل وأن يرمين، وأن يسقط عنهن المبيت آخر الليل بمزدلفة فأما إذا استطاع أن يجد فسحة ويتمكن من البقاء ويجد من يذهب مع النساء؛ فلا يجوز له الترخص.
اعتاد الناس في هذه الأزمنة التوسع في الترخص، فتجدهم إذا كانوا في حافلة فيها أربعون ومعهم ثلاث نساء جعلوا هذه الثلاث أو الأربع عذرا للباقين فانصرفوا كلهم، وكلهم نشيطون وقويون يستطيعون أن يزاحموا وأن يبقوا أو أن يذهبوا على أرجلهم ولكن التوسع في الترخص.
نحن نقول لهم: اتئدوا وانتظروا، اتركوا الحافلة إذا كنتم في حافلة تذهب بالعجائز مثلا والمسنين من الرجال يرمون في آخر الليل، وأما الأقوياء من رجال ونساء فيجلسون حتى يصلوا الفجر ويُسفروا، ولا يضرهم أن يسيروا على أرجلهم بعدما يصلُّوا الفجر أو يستأجروا سيارة، والمشي قد يكون أسهل؛ لأن السيارات تتزاحم ويتأخر وصولها في يوم العيد؛ لذلك نقول: إن على الإنسان أن لا يتوسع في الترخص وأن يحتسب ويكمِّل المبيت بمزدلفة وبعدما يصبح ويصلي الفجر ويسفر يتوجه في سيارته ومع رفقته وفي إمكانهم أن يجدوا سعة؛ لأن الغالب أن الرمي في آخر الليل يكون أشد زحاما منه في آخر النهار.
فنقول لهم: إذا صليتم الفجر وأسفرتم اذهبوا إلى مخيمكم واجلسوا فيه، وإذا صليتم الظهر والعصر توجهوا إلى المرمى وارموا، وإذا رميتم حلقتم ونحرتم وتحللتم التحلل الأول، وحصل لكم أجر إكمال العمل، بخلاف الذين يترخصون فإنه يفوتهم شيء كثير وإن لم يفتهم إلا الذكر الذي قال الله: فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ فإن هؤلاء ناموا يمكن ساعة أو ساعتين ثم قاموا وشدوا رحلهم على سيارتهم، ثم توجهوا إلى منى وفاتهم المبيت حقيقة وفاتهم الذكر، وفاتهم أن يصلوا في المزدلفة صلاة الصبح وتوجهوا إلى المرمى فوجدوا زحاما.
يذكر أن كثيرا من الإخوان من الزحام في آخر الليل من كثرة المترخصين أنه أشد منه في آخر النهار يوم العيد أشد منه، فعلى هذا لا بد أن الإنسان يتأنى ولا يتعجل حتى يتم بذلك نسكه. نعم.

line-bottom