إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
كتاب الروض المربع الجزء الثاني
92221 مشاهدة
منع أهل الذمة من إظهار الناقوس والجهر بكتابهم

ومن إظهار ناقوس وجهر بكتابهم.


الناقوس هو الآلة التي يضربونها لأوقات عباداتهم. إذا قرب وقت الصلاة، صلواتهم ضربوا هذا الناقوس فيصوت. تارة يكون مثل الجلجل الجرس وتارة يكون مثل البوق الذي ينفخ فيه ليكون له صوت، فلما كان هذا من شعائرهم منعوا من إظهاره؛ لأن فيه إظهارا لشعائر ..غير الإسلام، فإذا أظهروا هذا الناقوس فإنه يتلف وأما إذا كانت البلاد خاصة لهم فإنهم يعملون بدينهم. هذا الناقوس.
وكذلك لا يجهرون بكتبهم؛ فلا يتبايعون كتبهم بين المسلمين ؛ أناجيلهم التي هي محرفة، وكذلك التوراة، وكذلك كتاب كبير عندهم عند اليهود اسمه: التلمود، وكتاب آخر اسمه: المنشا، أي: كتبهم التي فيها ديانتهم وفيها أحكامهم يمنعون من إظهارها، وكذلك من الجهر بقراءتها؛ لأن في ذلك إظهار لشعائرهم. نعم.