من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
كتاب الروض المربع الجزء الثاني
92212 مشاهدة
من نقض عهده اختص النقض به

وينتقض بما تقدم عقده دون عقد نسائه وأولاده، فلا ينتقض عقدهم تبعا له؛ لأن النقض وجد منه فاختص به.


ما تقدم من هذه الخصال يكون ناقضا لعهده وحده وما ذاك إلا أنه هو الذي صدرت منه هذه الأعمال؛ هذا الاستهزاء أو هذا التنقص والامتناع من بذل الجزية ومن أحكام الإسلام، والتجسس على المسلمين وما أشبه ذلك. هذه صدرت منه فيقام عليه حد نقض العهد. إن اقتضى ذلك طرده وإبعاده كالمستأمن، أو اقتضى ذلك حبسه حبسا مؤبدا، أو اقتضى ذلك قتله إذا رأى ذلك، إذا رؤي فعله مسببا أو موجبا للقتل، وهكذا بقية الخصال.
لا شك أن هذه الأفعال فيها ضرر على المسلمين، والضرر حصل منه فيقام عليه حق نقض العهد. أما نساؤه. إذا كان معه زوجة أو زوجات أو أولاد ذكور وإناث، فإذا كانوا مطمئنين ولم يصدر منهم شيء أو كانوا صغارا أو غير مكلفين فلا ينتقض عهدهم، فإن طرد وأبعد وطلبوا اللحاق أخرجوا معه أو استتبعهم وأخرجهم وأخرج معهم وذهبوا معه، وإن طلبوا الانفصال فانفصلوا وبقوا بعده. قد ثبت أن في عهد بعض الخلفاء صدر من بعض الذميين ما يوجب الردة فقالت زوجته: نحن ما فعلنا جرما، والذي فعله غيرنا، فطُبق عهد النقض عليه دون امرأته، فكذلك أولاده ذكورا وإناثا لا ينتقض عهدهم. نعم.