الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
كتاب الروض المربع الجزء الثاني
79898 مشاهدة
حكم الدفع قبل نصف الليل

والدفع قبله أي: قبل نصف الليل فيه دم على غير سقاة ورعاة، سواء كان عالما بالحكم أو جاهلا عامدا أو ناسيا، فوصوله إليها أي: إلى مزدلفة بعد الفجر فعليه دم؛ لأنه ترك نسكا واجبا لا إن وصل إليها قبله أي: قبل الفجر فلا دم عليه، وكذا إن دفع من مزدلفة قبل نصف الليل وعاد إليها قبل الفجر لا دم عليه.


قد عرفنا أن المبيت بمزدلفة واجب من الواجبات وترك الواجب فيه دم، فإذا لم يصلْها إلا بعد طلوع الفجر ثبت الدم عليه، وإذا دفع منها قبل نصف الليل ثبت الدم عليه؛ لأنه ما بات بها، وصلها مثلا، والليل اثنتا عشرة ساعة من المغرب إلى الفجر، وصلها في الساعة الخامسة أو الخامسة والنصف، ثم بات بها إلى الفجر فهذا قد أدرك.
فلو خرج منها الساعة الخامسة ولم يعُد إليها ثبت الدم عليه، وهكذا لو لم يصل إليها إلا بعد الفجر ثبت الدم عليه، استثنوا من ذلك: من خرج منها في الساعة الخامسة، ثم رجع إليها في الساعة السابعة فهذا سقط عنه الدم كالذي خرج من عرفة مثلا في الساعة الحادية عشرة ثم رجع في الساعة الثانية عشرة والربع فإنه قد أدرك. يعني: انصرف نهارا ورجع ليلا.
فهذه ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أن يخرج منها قبل أن ينتصف الليل فهذا عليه دم.
الحالة الثانية: أن لا يصل إليها إلا بعد طلوع الفجر فهذا عليه دم.
الحالة الثالثة: أن يخرج منها قبل نصف الليل، ثم يرجع إليها في آخر الليل فهذا لا دم عليه.
.. هذه مسألة جديدة، شيء حادث، ما تكلم فيها الأولون؛ لأنهم ما تصوروا هذا الزحام الذي يحصل لبعض الناس في هذه الأزمنة؛ ولا يصلون إلا في الضحى؛ فلذلك ما ذكروه، ولكن لعله يسقط لأنهم ما تمكنوا، ولا يستطيعون أن يذهبوا على أرجلهم، فإن استطاعوا أن يذهبوا راجلين وجب عليهم، فإذا لم يفعلوا وجب عليهم الدم.
.. يتصور يعني: ناس كثير، يعني: كانوا وقفوا في ..السلوات، يعني: مشوا من عرفة عند غروب الشمس، ويمكن في ست ساعات ما قطعوا لهم كيلو، ورأوا أو تيقنوا أنهم يبقوا كذلك، قالوا: ما لنا إلا ننزل ونخلي السيارة على جنب، نطلعها من الخط، ولو على أرجلنا، وندرك المبيت. ما جاءوا إلا قبل الفجر بساعتين أو بثلاث ساعات، فلهم ما يعني: فرش وأهبة قليلة وتم حجهم.
..ما أدركوا. يعني: قبل طلوع الفجر ولو بقليل أدركوا.