جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. logo اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
shape
كتاب الروض المربع الجزء الثاني
130553 مشاهدة print word pdf
line-top
العجفاء والهتماء

...............................................................................


وأما العجفاء فنهي عنها لقلة ثمنها، ولأن الهزال من الضعف بحيث لا يكون في عظامها مخ، دليل على سوء لحمها، فالعادة أن الهزيلة التي لا مخ فيها أن لحمها يكون غير مرغوب فيه ولا يكون له الطعم واللذة التي بالسمينة.
وأما الهتماء ففسرها بأنها التي ذهبت ثناياها من أصلها يعني: من كبار السن، فالعادة أنها إذا وصلت مثلا ثمان سنين من الغنم أو اثنتا عشرة سنة من الإبل، أنها تبدأ أسنانها تتحلل، تبدأ تتكسر وتتثلم، فإذا ذهبت ثناياها كلها انمحت، فإن ذلك دليل على كبرها، والكبر إذا وصل إلى تلك الحالة أفسد اللحم، تكون هزيلة لا مخ فيها أو تكون كبيرة لا يستفاد منها ولا يؤكل لحمها فهذا هو السبب. يعني: العوراء لنقص الثمن ولسوء اللحم، والعجفاء: الهزيلة التي لا مخ فيها.

line-bottom