الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
كتاب الروض المربع الجزء الثاني
80134 مشاهدة
إذا قاتل الذمي المسلمين أو تعدى عليهم

أو قاتلنا.


وهكذا معلوم أنه إذا قاتل المسلمين أو استباح قتالهم فقد نقض عهده نعم.

أو تعدى على مسلم بقتل، أو زنى بمسلمة، وقياسه اللواط.


وهكذا إذا فعل هذه المعاصي. إذا قتل مسلما قتل؛ قد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قتل يهوديا بمسلمة في حديث أنس المشهور: أن يهوديا رض رأس جارية من الأنصار على أوضاح لها فأدركت وبها رمق، فقيل من فعل هذا بك أفلان؟ أفلان؟ حتى سمي اليهودي، فأشارت برأسها أن نعم، فأخذ فاعترف فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يرض رأسه بين حجرين أن يجعل رأسه على حجر ويفتخ بحجر؛ لأنه هكذا فعل بهذه الجارية لأجل أوضاح لها - الأوضاح يعني حلي من الفضة- يعني: قتلها لأجل أن يأخذ ذلك الحلي الذي عليها، فإذا قتل مسلما أو قتل مسلمة انتقض عهده، وكذلك الزنا إذا زنى بمسلمة أو فعل فاحشة اللواط برجل مسلم فإنه ينتقض عهده ويقتل، ولو كان غير محصن. لو زنى بمسلمة ولو كان غير محصن فإنه يقتل وكذلك إذا فعل مقدمات ذلك؛ ففي قصة بني قينقاع سبب انتقاض عهدهم: أن تاجرا منهم جاءته امرأة مسلمة متحجبة فطلب منها أن تكشف وجهها؛ فامتنعت فعمد إلى ثوبها من خلفها، فربط أسفله بأعلاه بإبرة أو شوكة وهي جالسة، فلما قامت تكشفت. يعني: انكشفت عورتها من الخلف، فجلست وصاحت، وأخبرت بأن هذا هو الذي ربط ثوبها حتى بدت عورتها؛ فكان هذا سببا في إجلائهم إجلاء بني قينقاع؛ لأجل هذه الفعلة الشنعاء بمسلمة.
وفي عهد عمر لما زار الشام جاءه يهودي أو نصراني وقد ضُمخ بالدم، فاشتكى رجلا من الصحابة أنه ضربني وأنه شجني وأنه جرحني، فاستدعي ذلك الصحابي لماذا فعلت بهذا المعاهد؟ فأخبره بقصة: وهو أنه رأى امرأة تسير على حمار لها؛ امرأة مسلمة، فراودها فامتنعت، فدفعها عن حمارها حتى سقطت من الحمار، وحاول أن يتغشاها فصاحت، فكان عندها هذا الصحابي الذي جاء إليه فزعا وضربه حتى شجه.
اعتبر عمر هذا منه نقضا للعهد، وقال: ما على هذا عاهدناكم وأمر به فقتل، فدل على أنه إذا حاول فعل الفاحشة: زنا أو لواط أو مقدمات ذلك أنه ينتقض عهده. نعم.