إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه logo شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده
shape
كتاب الروض المربع الجزء الثاني
124266 مشاهدة print word pdf
line-top
الدفع من عرفة وقته وصفته

ثم يدفع بعد الغروب مع الإمام أو نائبه على طريق المأذمين إلى مزدلفة وفيما بين المأذمين إلى وادي محسر ويسن كون دفعه بسكينة؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: أيها الناس، السكينة السكينة ويسرع في الفجوة؛ لقول أسامة رضي الله تعالى عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير العنق، فإذا وجد فجوة نص أي: أسرع؛ لأن العنق انبساط السير، والنص فوق العنق.


بعدما غربت الشمس وتحقق الغروب، وقبل أن يصلُّوا أذن لهم النبي صلى الله عليه وسلم في الانصراف من عرفة متوجهين إلى مزدلفة وحدود مزدلفة أنها: ما بين المأذمين إلى وادي محسر والمأذمين الجبلان المحيطان بمزدلفة من جهة الشرق. ففيه: أنه لما انصرف كان الناس كثيرا، كلهم انصرفوا مرة واحدة وحصل زحام شديد، كانوا نحو مائة وأربعين ألفا من الحجاج مع النبي صلى الله عليه وسلم.
لا شك أنهم يحتاجون إلى مكان فسيح، فسيرهم على طريق واحد يحصل زحام، تزاحم، فكان ينادي بصوته: أيها الناس، السكينة السكينة يعني: لا تتزاحموا ولا يضر بعضكم بعضا، ولا تسرعوا. يحبون الإسراع حتى يريحوا رواحلهم؛ لكونهم رحلوها قبل الظهر أو وقت الظهر ولما تزل برحلها إلى أن يضع هدؤ من الليل نحو ساعتين أو ساعتين ونصف من أول الليل، ولا شك أنها قد سئمت وهم أيضا قد سئموا وتعبوا، فيحبون أن يريحوا أنفسهم؛ فلذلك كانوا يسرعون وكان يحثهم على السكينة، لكنه إذا وجد متسعا أسرع.
ذكر جابر في حديثه الطويل: أنه صلى الله عليه وسلم كان على ناقته التي تسمى القصواء، وقد شنق لها زمامها يعني: أنه يخشى أنها تسرع فهو قد أمسك بخطامها، وقد شنقه بمعنى اجتذبه حتى قرب من الرحل حتى تهدأ ولا تسرع وكان يسيق يسير العنق يعني: انبساط السير سيرا مستويا، وقد لوى عنق راحلته حتى لا تسرع، فإذا وجد فجوة نصَّ، يعني: أسرع، إذا وجد متسعا وفرجة أسرع، وكذلك كلما أتى ..حبلا من ..الحبال يعني: الكثب الرملية، كلما أتى كثيبا أرخى لها قليلا حتى تصعد وهكذا، وفي أثناء طريقه قبل أن يدخل عرفة أناخ راحلته وتبرَّز وتوضأ وضوءا خفيفا، فقال له أسامة: الصلاة يا رسول الله فقال: الصلاة أمامك ولما انتهى نزل بمزدلفة ثم بادر بالصلاة. نعم.

line-bottom