شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة logo       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
shape
كتاب الروض المربع الجزء الثاني
112263 مشاهدة print word pdf
line-top
المبيت بمزدلفة

ويبيت بها وجوبا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بات بها، وقال: خذوا عني مناسككم .


المبيت بمزدلفة واجب من الواجبات عند الإمام أحمد وأما عند مالك فلا يجب المبيت، وإنما يكفيه النزول ولو في أول الليل يقول: إذا نزل بمزدلفة وصلى الصلاتين، وأكل طعاما وحط رحله، والتقط الحصيات كفاه ذلك، ولو انصرف في أول الليل.
وأما بعض العلماء كالحنفية فرأوا أن المبيت بمزدلفة ركن كالوقوف بعرفة ؛ لأن الله تعالى ذكره، والشيء الذي ذكره الله لا بد أن يحقق، في قوله تعالى: فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ فأمر بذكر الله عند المشعر الحرام يعني: عند مزدلفة ثم الإفاضة، فدل على أن المبيت بمزدلفة ركن كما أن الوقوف بعرفة ركن؛ لأن كلاهما ذكر أصله في القرآن، هذا الذي لم يبت بمزدلفة فلا حج له كالذي لم يقف بعرفة واستدلوا أيضا بقوله صلى الله عليه وسلم: من أدرك معنا صلاتنا هذه ووقف معنا حتى ندفع، وقد وقف قبل ذلك ساعة من ليل أو نهار، فقد تم حجه وقضى تفثه ولكن ذهب الإمام أحمد إلى أنه واجب يجبر بدم، واستدل بأنه يجوز تركه؛ لأجل تحصيل الوقوف. يقول: لو أن إنسانا جاء من بلده وأسرع السير ولما وصل إلى عرفة كان في آخر الليل يعني: قبل الفجر بنصف ساعة مر بعرفة ووقف بها لحظات ثم ذهب إلى مزدلفة وصلى بها الصبح فقد تم حجه.
فهذا قد فاته المبيت بمزدلفة ؛ لأنه ما أتاها إلا مثلا بعد أن مضى الليل، لم يبق من الليل إلا ربع ساعة أو عشر دقائق، ومع ذلك جعل حجه تاما؛ فهذا دليل على أن المبيت بمزدلفة ليس بركن، وإنما هو واجب من الواجبات التي تسقط بدم، وحده يجبر بدم، وحد المبيت بها أن ينزل بها ولو آخر الليل، فإذا أتاها في آخر الليل ووقف بها حتى يصبح صدق عليه أنه بات بها، وإذا مر بها عبورا ولم ينزل بها ولم يبت بها فلا يتم حجه ولا يغتر بكثرة من يفعله، خصوصا المطوفين فإنهم يأتون بحجاجهم ويمرون بمزدلفة وينزلون بها لحظات يلتقطون -كما يقولون- الحصيات، ثم يواصلون السير حتى ينزلوهم بمنى في مخيماتهم ويقولون: يشق علينا أن نبقى ننتظرهم بمزدلفة إلى الصباح، بل ننقلهم من عرفة رأسا إلى منى نمر بهم مزدلفة وينزلون بها لحظات ثم يواصلون السير، فيتركون فضيلة من الفضائل، وربما أنه واجب من الواجبات، وربما أنه ركن عند بعض العلماء. يتركون ذلك؛ لأجل كما يقولون إراحة السيارات، وإراحة السائقين؛ حتى لا ينقلوهم مرات.
لا شك أن هذا خلل وتقصير ونقص في الحج، والحج الذي يريدونه تاما يكملون مناسكه، فالحاج يتوجه من عرفة إلى مزدلفة ويبيت بها، ويذكر الله بها بعد الفجر.
.. أقول لك يعني: المالكية لا يُلزمون به؛ لأن من مر بها نزل بها لحظات ثم واصل سيره، والحنفية يرونه ركنا، والشافعية والحنابلة يرونه واجبا.
.. فعليه دم عندنا. نعم.

line-bottom