شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
كتاب الروض المربع الجزء الثاني
92332 مشاهدة
حكم الأضحية والسنة فيها

والأضحية سنة مؤكدة على المسلم، وتجب بنذر وذبحها أفضل من الصدقة بثمنها كالهدي والعقيقة؛ لحديث: ما عمل ابن آدم يوم النحر عملا أحب إلى الله من إراقة الدم .


نقول: الأضحية سنة إبراهيمية، وسنها النبي صلى الله عليه وسلم، يذبحها أهل القرى غير أهل مكة يعني: غير الحجاج، يذبحون في كل بلاد أضاحي وسنة أبينا إبراهيم في حديث: أنه قيل: يا رسول الله ما هذه الأضاحي؟ قال: سنة أبينا إبراهيم، قالوا: فما لنا فيها؟ قال: بكل شعرة حسنة. فذبحها أفضل من الصدقة بثمنها، ولو لم يكن هناك فقراء، ولو كان الفقراء بحاجة إلى الدراهم لا بحاجة إلى اللحم، فالذبح أفضل من الصدقة بثمنها؛ لأن ذلك إحياء لهذه السنة، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي كل عام بكبشين، ويفرق لحومهما، ولو شاء لتصدق بثمنهما مع كثرة المساكين عنده، ومع ذلك صار يضحي كل سنة أضحيتين: واحدة لمحمد وآل محمد وواحدة لأمة محمد قيل: يا رسول الله ما هذه الأضاحي؟ قال: سنة أبيكم إبراهيم قيل: فما لنا فيها؟ قال: بكل شعرة حسنة. قيل: فالصوف؟ قال: وبكل شعرة من الصوف حسنة وهذا خير كثير؛ فلذلك كان ذبحها أفضل من الصدقة بثمنها. نعم.
.. يأتينا أن الإبل أفضل كما تقدم، أفضلها إبل ثم بقر ثم غنم، وأن الشاة تجزئ عن الرجل وأهل بيته، وأن البقرة تجزئ عن سبعة، والبدنة عن سبعة. يأتي إن شاء الله.
.. أعد... الحديث: فلا يقربن مصلانا كأنه في ذلك الوقت كثر الضعفاء، ثم أمر كل من كان عنده سعة أن يضحي، وأمرهم أن لا يحبسوا لحمها فوق ثلاث.
يقول: يسن أن يأكل ثلثا ويهدي ثلثا ويتصدق بثلث ويدخر له ولأهل بيته ثلثا من الأضحية، ويهدي على أقربائه وأصدقائه وجيرانه ولو كانوا أغنياء الثلث، ويتصدق على الفقراء والمساكين بالثلث. هذا هو السنة؛ وذلك لأنها شرعت من باب التوسعة، وشرعت من باب الفرح بإدراك هذا العيد ونحوه، وشرعت من باب الصدقة؛ فعليه أن يفعلها حتى يحصل على سبب الفرح بالأكل والادخار لأهله، وكذلك التوسعة على الفقراء ونحوهم بإطعامهم، وكذلك الاتباع لإحياء هذه السنة، فيأكل ويهدي ويتصدق أثلاثا، وإن لم يكن الثلث بالدقة لكن بالتقريب. يتصدق بالثلث تقريبا، وله أن يزيد احتياطا، ولا يدقق في القسمة. فلو تصدق بالنصف أو بالثلثين، فهو أفضل سيما إذا كثر المساكين كالدافة الذين دفوا على المدينة فالتوسعة عليهم والصدقة عليهم أولى. نعم.
.. الأولى له أنه يحتسب بشرائه وببيعه وبذبحه ونحو ذلك؛ ولكن له أن يأكل ويعطي أهله ما دام أنها صدقة. صدقة من الصدقات، فلا مانع من أن يأكل، ولا مانع من أن يهدي لزملائه وأصدقائه وإلى كل أهل بيته ونحو ذلك.
.. يعني: كأنه قال هذه الفيلا أو هذه العمارة أنت وكيل عليها تقبل الإيجار وتضحي عني وتتصدق بالباقي أو تعطيه أولادي. اشترى الأضحية. فيجوز له أن يتصدق بلحمها يجوز له أن يتصدق وأن يأكل. نعم.