إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف logo إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
shape
كتاب الروض المربع الجزء الثاني
106669 مشاهدة print word pdf
line-top
تعريف الذمة والمراد بأهل الذمة

الذمة لغة العهد والضمان والسلام، ومعنى عقد الذمة إقرار بعض الكفار على كفرهم بشرط بذل الجزية والتزام أحكام الملة، والأصل فيه قوله تعالى: حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ .


بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد هذا الباب لأحكام أهل الذمة، ويراد بهم: الذميون الذين لهم ذمة؛ والذمة: هي العهد، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: وإذا حاصرت أهل حصن فطلبوا أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه فلا تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه، ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك يعني: عهدك وهو أن تتعهد لهم.
فأهل الذمة والذميون هم الذين يعقد لهم عهد على أنهم يأمنون في بلادهم ولا يقاتلون، ولا يقتلون ويبقون على دينهم بشرط أن يحكم فيهم بأحكام المسلمين؛ يلتزمون أحكام الإسلام، وبشرط أن يبذلوا الجزية. واختلف فيمن يعقد لهم:
فالأصل في أخذ الجزية وفي عقد الذمة هذه الآية في سورة التوبة: قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ معنى أن هؤلاء من أهل الكتاب فهم ليسوا بمسلمين، ولكن لهم شبهة كتاب، أو لهم كتاب ولكن ليس بصحيح بل محرف أو منسوخ، ولما كان لهم هذا الدين الذي يدينون به فإنهم يُقرون عليه، ويبذلون الجزية، وفي هذا العمل معهم مصلحة.
أولا: نحن نعترف بأنهم أهل كتاب؛ اليهود عندهم التوراة، والنصارى عندهم الإنجيل، وإن كنا لا نعمل بالتوراة ولا بالإنجيل بل هي منسوخة.
وثانيا: أن في إقرارهم دعوة لهم إلى الإسلام؛ فإن الغالب أنهم متى بذلوا الجزية فإنهم يبقون مدة ثم يدخلون في الإسلام إذا رأوا حسن معاملة المسلمين وحسن صنيعهم معهم. يعتنقون الإسلام فيما بعد فيصبحون مسلمين، ففي ذلك مصلحة.
كذلك يعرفون أنه لا غرض لهم؛ للمسلمين في قتلهم وإنما الغرض هو التزامهم بأحكام الإسلام وسماعهم لتعاليم الإسلام، فليس غرض الإسلام السيطرة والنفوذ والقوة وإظهار السلطة، وإنما غرض المسلمين إظهار الإسلام ونشر تعاليمه.

line-bottom