شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
كتاب الروض المربع الجزء الثاني
92352 مشاهدة
تعريف الذمة والمراد بأهل الذمة

الذمة لغة العهد والضمان والسلام، ومعنى عقد الذمة إقرار بعض الكفار على كفرهم بشرط بذل الجزية والتزام أحكام الملة، والأصل فيه قوله تعالى: حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ .


بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد هذا الباب لأحكام أهل الذمة، ويراد بهم: الذميون الذين لهم ذمة؛ والذمة: هي العهد، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: وإذا حاصرت أهل حصن فطلبوا أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه فلا تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه، ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك يعني: عهدك وهو أن تتعهد لهم.
فأهل الذمة والذميون هم الذين يعقد لهم عهد على أنهم يأمنون في بلادهم ولا يقاتلون، ولا يقتلون ويبقون على دينهم بشرط أن يحكم فيهم بأحكام المسلمين؛ يلتزمون أحكام الإسلام، وبشرط أن يبذلوا الجزية. واختلف فيمن يعقد لهم:
فالأصل في أخذ الجزية وفي عقد الذمة هذه الآية في سورة التوبة: قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ معنى أن هؤلاء من أهل الكتاب فهم ليسوا بمسلمين، ولكن لهم شبهة كتاب، أو لهم كتاب ولكن ليس بصحيح بل محرف أو منسوخ، ولما كان لهم هذا الدين الذي يدينون به فإنهم يُقرون عليه، ويبذلون الجزية، وفي هذا العمل معهم مصلحة.
أولا: نحن نعترف بأنهم أهل كتاب؛ اليهود عندهم التوراة، والنصارى عندهم الإنجيل، وإن كنا لا نعمل بالتوراة ولا بالإنجيل بل هي منسوخة.
وثانيا: أن في إقرارهم دعوة لهم إلى الإسلام؛ فإن الغالب أنهم متى بذلوا الجزية فإنهم يبقون مدة ثم يدخلون في الإسلام إذا رأوا حسن معاملة المسلمين وحسن صنيعهم معهم. يعتنقون الإسلام فيما بعد فيصبحون مسلمين، ففي ذلك مصلحة.
كذلك يعرفون أنه لا غرض لهم؛ للمسلمين في قتلهم وإنما الغرض هو التزامهم بأحكام الإسلام وسماعهم لتعاليم الإسلام، فليس غرض الإسلام السيطرة والنفوذ والقوة وإظهار السلطة، وإنما غرض المسلمين إظهار الإسلام ونشر تعاليمه.