كتاب الروض المربع الجزء الثاني
المبيت بمزدلفة
ويبيت بها وجوبا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بات بها، وقال: رسم> خذوا عني مناسككم متن_ح> رسم> .
المبيت بمزدلفة اسم> واجب من الواجبات عند الإمام أحمد اسم> وأما عند مالك اسم> فلا يجب المبيت، وإنما يكفيه النزول ولو في أول الليل يقول: إذا نزل بمزدلفة اسم> وصلى الصلاتين، وأكل طعاما وحط رحله، والتقط الحصيات كفاه ذلك، ولو انصرف في أول الليل.
وأما بعض العلماء كالحنفية فرأوا أن المبيت بمزدلفة اسم> ركن كالوقوف بعرفة اسم> ؛ لأن الله تعالى ذكره، والشيء الذي ذكره الله لا بد أن يحقق، في قوله تعالى: رسم> فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ قرآن> رسم> فأمر بذكر الله عند المشعر الحرام اسم> يعني: عند مزدلفة اسم> ثم الإفاضة، فدل على أن المبيت بمزدلفة اسم> ركن كما أن الوقوف بعرفة اسم> ركن؛ لأن كلاهما ذكر أصله في القرآن، هذا الذي لم يبت بمزدلفة اسم> فلا حج له كالذي لم يقف بعرفة اسم> واستدلوا أيضا بقوله صلى الله عليه وسلم: رسم> من أدرك معنا صلاتنا هذه ووقف معنا حتى ندفع، وقد وقف قبل ذلك ساعة من ليل أو نهار، فقد تم حجه وقضى تفثه متن_ح> رسم> ولكن ذهب الإمام أحمد اسم> إلى أنه واجب يجبر بدم، واستدل بأنه يجوز تركه؛ لأجل تحصيل الوقوف. يقول: لو أن إنسانا جاء من بلده وأسرع السير ولما وصل إلى عرفة اسم> كان في آخر الليل يعني: قبل الفجر بنصف ساعة مر بعرفة اسم> ووقف بها لحظات ثم ذهب إلى مزدلفة اسم> وصلى بها الصبح فقد تم حجه.
فهذا قد فاته المبيت بمزدلفة اسم> ؛ لأنه ما أتاها إلا مثلا بعد أن مضى الليل، لم يبق من الليل إلا ربع ساعة أو عشر دقائق، ومع ذلك جعل حجه تاما؛ فهذا دليل على أن المبيت بمزدلفة اسم> ليس بركن، وإنما هو واجب من الواجبات التي تسقط بدم، وحده يجبر بدم، وحد المبيت بها أن ينزل بها ولو آخر الليل، فإذا أتاها في آخر الليل ووقف بها حتى يصبح صدق عليه أنه بات بها، وإذا مر بها عبورا ولم ينزل بها ولم يبت بها فلا يتم حجه ولا يغتر بكثرة من يفعله، خصوصا المطوفين فإنهم يأتون بحجاجهم ويمرون بمزدلفة اسم> وينزلون بها لحظات يلتقطون -كما يقولون- الحصيات، ثم يواصلون السير حتى ينزلوهم بمنى اسم> في مخيماتهم ويقولون: يشق علينا أن نبقى ننتظرهم بمزدلفة اسم> إلى الصباح، بل ننقلهم من عرفة اسم> رأسا إلى منى اسم> نمر بهم مزدلفة اسم> وينزلون بها لحظات ثم يواصلون السير، فيتركون فضيلة من الفضائل، وربما أنه واجب من الواجبات، وربما أنه ركن عند بعض العلماء. يتركون ذلك؛ لأجل كما يقولون إراحة السيارات، وإراحة السائقين؛ حتى لا ينقلوهم مرات.
لا شك أن هذا خلل وتقصير ونقص في الحج، والحج الذي يريدونه تاما يكملون مناسكه، فالحاج يتوجه من عرفة اسم> إلى مزدلفة اسم> ويبيت بها، ويذكر الله بها بعد الفجر.
.. أقول لك يعني: المالكية لا يُلزمون به؛ لأن من مر بها نزل بها لحظات ثم واصل سيره، والحنفية يرونه ركنا، والشافعية والحنابلة يرونه واجبا.
.. فعليه دم عندنا. نعم.
مسألة>