شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
النظر والتأمل في خلق الجبال
...............................................................................
ما بث الله تعالى فيها من دابة فيذكر الله تعالى عباده كما في قوله تعالى: رسم> وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ قرآن> رسم> فيخبر تعالى بأنه ألقى في الأرض رواسي. أي: هذه الجبال الراسية الراسخة، جعلها ممسكة للأرض حتى لا تميد. أي: حتى لا تضطرب وتتحرك فلا يحصل عليها استقرار مع أن الله قادر على أن يمسكها، ولكن جعل هذه الجبال سببا في إمساكها على الأرض رابية عن الحركة، وأيضا ففي هذه الجبال أيضا منافع قال تعالى: رسم> وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ وَعَلَامَاتٍ قرآن> رسم> فجعل بين الجبال سبلا. يعني طرقا يسلكها السائر ويعرف بها الطرق، ويعرف بها المدن التي يتوجه إليها.
وكذلك قال تعالى رسم> وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا قرآن> رسم> أي: جعل فيها أنهارا، وذلك أن فيها هذه الأماكن التي تخزن الماء كما قال الله تعالى: رسم> وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ قرآن> رسم> أي: لا تستطيعون أن تخزنوا الماء الذي ينزل من السماء في أوانيكم ومواعينكم وقربكم، ولكن جعل الله له مخازن في جوف الأرض، ثم جعل فيها أيضا عيونا. أي في بعض البقع عيون تنبع من الأرض. إذا امتلأت تلك المخازن التي في الجبال مثلا أو التي في الأرض المرتفعة نبعت مع تلك العيون وساحت، وصار الناس يتصرفون فيها، يسقون بها أشجارهم، ويسقون بها أنعامهم وينتفعون بها، ولو انقطعت عنهم لهلكوا، لو انقطع عنهم هذا الماء الذي ينزله الله تعالى ويجعل له مخازن تحفظه، ولم يجدوا ماء يسقون به أنفسهم أو أشجارهم أو دوابهم لهلكوا، ولكن الله تعالى رحيم بعباده حيث جعل في هذه الأرض مستودعات لهذا الماء حتى يستخرج. لا شك أن هذه آية عظيمة وعبرة لمن اعتبر.
مسألة>