جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. logo قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
shape
شرح لمعة الاعتقاد
318241 مشاهدة print word pdf
line-top
انتشار سب الصحابة بعد القرون الثلاثة الأولى

وقد تسلط كثير من الولاة من ولاتهم على من يترضى عن الصحابة؛ وذلك لأنه في القرون الوسطى في القرن الرابع وما بعده تولى في مصر بنو عبيد؛ وكانوا إلى الرفض أقرب؛ فظهر الرفض هناك، وتولى في العراق بنو بويه وصارت لهم سلطنة وغلبت سلطنتهم على خلافة الخلفاء من بني العباس فصاروا يولون القضاة الذين على معتقدهم، الذين يسبون الصحابة ويبعدون من هو من أهل السنة، فعظم الخطب وكثروا وتمكنوا في العراق في يعني في مدة بني بويه.
وكذلك أيضا في خراسان الذي هو إيران الآن؛ كانت السنة فيها ظاهرة، وكان العلماء ظاهرين، ولكن في حدود القرن التاسع تمكن ولاة يقال لهم: الصفويون، ولما تمكنوا كانوا من غلاة الرافضة فتسلطوا على من يترضى عن الخلفاء، فكانوا يمتحنون كل أحد؛ ما تقول في أبي بكر وعمر ؟ فإذا قال: هما خليفتان راشدان قتلوه فورا، فقتلوا كل أهل السنة إلا من استخفى، أو من كان في أطراف البلاد، واستمروا على ذلك إلى أن قضوا على أهل السنة وصارت الولاية للرافضة، ولا يزالون إلى الآن، ولاية تلك البلاد مع سعتها إنما هي لكل رافضي، يسب الصحابة ويكفرهم، ويطعن في القرآن، ويطعن في السنة، ويغلو في علي .
ولا يغلون في بقية أولاد علي إنما في الحسن والحسين مع أن كثيرا منهم أيضا لا يترضون عن الحسن فيقولون: إنه بايع معاوية ومعاوية عندهم كافر فاجر؛ فما يترضون عنه؛ ولكن لم يجدوا بدا من أن يعترفوا بخلافته لأنه الذي تمت له الخلافة بعد أبيه، ولكنه رضي الله عنه كان يحب حقن الدماء فتنازل لمعاوية حتى لا يعظم الخطب، فالحاصل أن العلماء أدخلوا الخلافة في أمر العقيدة لمناقشة هؤلاء الرافضة.

line-bottom