شرح لمعة الاعتقاد
وصية عمر بن عبد العزيز في اتباع طريق السلف
وقال: عمر بن عبد العزيز اسم> أحد خلفاء بني أمية خلافته سنتان وأشهر توفي سنة مائة وواحد فهو على الصحيح آخر الخلفاء الذين خلافتهم شرعية أو الذين هم على السنة.
ورد أنه صلى الله عليه وسلم ذكر رسم> أن الله يبعث على كل رأس مائة سنة من يجدد للأمة دينها متن_ح> رسم> فيكون هو جدد للأمة دينها على رأس المائة ورد أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رسم> لا يزال هذا الأمر ظاهرا حتى يليه اثنا عشر خليفة كلهم من قريش متن_ح> رسم> يليه اثنا عشر قال العلماء: إن هؤلاء الاثني عشر هم الخلفاء الأربعة ثم معاوية اسم> وابنه ثم ابن الزبير اسم> ثم عبد الملك اسم> وبنوه الذين يعني بنوه الثلاثة ثم عمر بن عبد العزيز اسم> وعدوا منهم أيضا مروان اسم> .
فإذا قلنا أبو بكر اسم> وعمر اسم> وعثمان اسم> وعلي اسم> ومعاوية اسم> ويزيد اسم> وابن الزبير اسم> ومروان اسم> وعبد الملك اسم> والوليد اسم> وسليمان اسم> وعمر بن عبد العزيز اسم> فيكون عمر بن عبد العزيز اسم> هو تمام اثني عشر خليفة كلهم كانوا في القرن الأول، وكلهم كان الدين ظاهرا والجهاد قائما والبدع محاربة، وبعدهم تمكنت البدع وظهرت واشتهرت هذا يحمل عليه هذا الحديث.
وأما الظاهرة فيحملونهم على أنهم أئمتهم فيقولون هؤلاء أئمتنا الاثني عشر ويختلفون أيضا فيهم فالإسماعيلية لهم أئمة والإمامية لهم أئمة والجهمية لهم أئمة وآخر أئمة الإمامية: المهدي المنتظر بزعمهم أن محمد بن الحسن اسم> أنه دخل في سرداب سامراء وأنهم ينتظرونه ولا حقيقة لهذا لا حقيقة لمن يسمونه محمد بن الحسن العسكري اسم> بين العلماء أن الحسن اسم> لم يولد له.
فالحاصل أن عمر بن عبد العزيز اسم> رضي الله عنه كان على رأس المائة وكان من الخلفاء الراشدين نقلوا عنه كلاما بما في هذا المعنى، يقول: قف حيث وقف القوم ويريد بهم الأئمة والعلماء الذين قبله في القرن الأول كالصحابة وتلامذتهم فإنهم عن علم وقفوا؛ والمراد بالوقوف هاهنا عدم التدخل في العقليات أي لا تتدخل في أمور عقلية ليس عليها دليل ..يزاد قف حيث وقفوا وسر حيث ساروا ولا تتبع ما ابتدعه المبتدعون فإنهم يعني الصحابة والتابعين عن علم وقفوا ما وقفوا عن التأويلات ولا وقفوا عن التحريفات إلا عن علم.
يعرفون أن هذه التأويلات باطلة فلذلك توقفوا عنها ويعلمون أيضا أن تلك الاطرادات التي يبتدعها المتكلمون أنها باطلة؛ فلذلك توقفوا عنها عن علم وقفوا وببصر نافذ كفوا البصر هاهنا هو البصيرة يعني العقل والمعرفة ليس دون بصر العين وإن كان داخلا في ذلك.
ببصر نافذ كفوا: أي كفوا عن علم ما لا يحل له متعلم كفوا عن علم الكلام وحذروه حتى قال الشافعي اسم> رحمه الله: حكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد ويطاف بهم بالعسائر.
ويقال هذا جزاء من ترك القرآن وأقبل على الكلام.
ولهم على كشفها كانوا أقوى: يعني كشف تلك الأمور الغيبية والتدخل فيها لو كان فيها خير لكانوا أقوياء على كشفها، وبالفضل لو كان فيها أحرى لو كان في كشف تلك الأمور الغيبية فضل لكانوا أولى به وأحرى بأن يختاروه، ولكنهم علموا أن التدخل في الأمور الغيبية مما لا يجوز فلذلك كفوا عنه، ولذلك أيضا يتوقفوا فلو كان فيها فضل لكانوا أحرى بذلك الفضل فلم يتدخلوا في كيفية الصفات ولا في كنهها ولا في ماهيتها ولا في ماهية الأمور الغيبية التي أمروا بأن يؤمنوا بها.
مثلا إذا كنا نؤمن بعذاب القبر وأنكره الفلاسفة ونحوهم نقول: إن علمنا قاصر عن إدراك كيفيته، وكذلك إذا آمنا بعذاب النار وقلنا كيف يكون في النار شجر والنار تحرق الشجر، وكيف تكون النار تتقد بالحجارة والحجارة ليست وقودا، فنقول: الله أعلم بذلك قد ذكر الله تعالى ذلك فنحن لا نتدخل في كيفية ذلك، يقول: فلئن قلتم حدث بعدهم أي تجددت هذه العلوم بعد السلف وبعد الصحابة وبعد التابعين فمن الذي أحدثها؟ ما أحدثها إلا من خالفها من هؤلاء المبتدعة الذين تكلموا في القدر.
وقالوا: إن الله لا يعلم الأشياء إلا بعد حدوثها، وتكلموا في القدر، وقالوا: إن الله لا يقدر عليه بهداية ولا إضلال هذه العلوم حدثت بعدهم من الذي أحدثها ما أحدثها إلا من خالف هديهم ورغب عن سنتهم؛ يعني تركهم ترك سنتهم وتكلم فيما نهوا عنه.
فيقولوا: لقد وصفوا منها ما يشفي وتكلموا منها بما يكفي يعني وصفوا من هذه الأمور ما فيه الكفاية؛ يعني ذكروا مثلا الأمور الغيبية كعذاب القبر وصفة البعث وصفة الأرواح وصفة الميزان في الدار الآخرة وصفة الصحف وما إلى ذلك، ولو كانت مجملة لا نعرف حقيقتها وصفوا منها ما يشفي وتكلموا منها بما يكفي.
فما فوقهم محسر: فالذين تجاوزوهم تحسروا. وما دونهم مقصر: الذي قصر عن ذنوبهم. لقد قصر قوم عنهم فجفوا: يعني أنهم ما تعلموا علومهم فكانوا جافين. وتجاوزهم آخرون فغلوا: غلاة والغلو بلا شك زيادة على ما شرعه الله. وإنهم فيما بين ذلك لعلى هدى مستقيم: هم متوسطون بين الغلو وبين الجفاء.
مسألة>