الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
شرح لمعة الاعتقاد
193864 مشاهدة
أبو بكر ناصر الدين وقامع المرتدين

نصر الله تعالى به الإسلام بعدما مات النبي صلى الله عليه وسلم، أولا: جهز الجيش الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم قد جهزه، وأمَّر عليه أسامة فأرسله كما أرسله النبي صلى الله عليه وسلم، أشار عليه بعض الصحابة أن لا يرسله، قال: إنهم سيتعرضون للكفار، فقال: لا أترك جيشا جهزه النبي صلى الله عليه وسلم. فأرسله؛ فذهبوا إلى أطراف الشام وقاتلوا ورجعوا سالمين غانمين، وكلما مروا بأناس قالوا: لو كان هؤلاء ضعفاء ما أرسلوا هذا الجيش في هذه الحالة.
ثم أرسل أيضا جيشا لقتال المرتدين؛ فانتصروا على كل المرتدين من العرب، وكذلك على المتنبئين الذين ادعوا النبوة كسجاح امرأة ادعت النبوة، وطليحة الأسدي وآخرهم مسيلمة الذي كان معه أكثر من مائة وعشرين ألف مقاتل، توجه إليه خالد بن الوليد ومعه نحو سبعة آلاف فنصرهم الله تعالى على أولئك الخلق العظيم، وقتلوا مسيلمة ولما قتلوا مسيلمة كأن جمعه كانوا زجاجة كسرت وانتثر ما فيها؛ فتفرقوا، وتمت الخلافة لأبي بكر رضي الله عنه.
ثم بعده بايعوا لعمر رضي الله عنه، عهد إليه أبو بكر وأوصاه بوصايا، ورأى أنه أهل للخلافة، وذلك لقوته وصرامته، ثم بعده عثمان رضي الله عنه حيث اتفق أهل الشورى على تقديمه، ورأوا أنه أولى من يصلح للخلافة، ثم بعد قتله رضي الله عنه بايعوا عليا رضي الله عنه وذلك لفضله وإجماع أهل عصره عليه، حتى أهل الشام يعترفون بأنه أولى؛ ولكنهم طالبوا أن يمكنوا من قتلة عثمان وقال له أهل الشام ومعاوية نحن نبايعك ولكن قبل ذلك مكنا من قتلة عثمان حتى نقتلهم، فقال: بايعوني حتى يتم لنا الأمر، ثم بعد ذلك نتتبعهم ونقتلهم واحدا بعد واحد.
علم رضي الله عنه أنه إذا قتلهم غضب لهم أقوامهم؛ لأنهم سادة وقادة وشرفاء في أقوامهم ومشاهير في أقوامهم؛ فخاف أنه إذا قتلهم أن يثور عليه أقوامهم، فلم يتجرأ على ذلك، ولم يبايعه معاوية مع اعترافه بأفضليته.
هؤلاء هم الخلفاء الراشدون، والأئمة المهديون الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي وقد تقدم هذا الحديث في مقدمة الكتاب مقدمة الرسالة حيث قال: عليكم بسنتي .
يعني: تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وسماهم خلفاء، وسماهم راشدين، وشهد لهم بأنهم مهديون؛ أي: أنهم من أهل الهداية، وهكذا ترتيبهم، ترتيبهم في الخلافة كترتيبهم في الفضل، وورد أيضا في حديث سفينة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تصير ملكا ؛ فإذا حسبنا إذا آخرها علي وخلافة ابنه الحسن ؛ فإن أبا بكر بقي أقل من ثلاث سنين، وعمر عشر سنين هذه ثلاث عشرة، وعثمان اثنا عشر سنة هذه سبع وعشرون أو ست وعشرون، وعلي بقي أربع سنين وتتمة الخلافة خلافة ابنه فكانت ثلاثين سنة.