إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
شرح لمعة الاعتقاد
219155 مشاهدة
مقولة الجهم بن صفوان

ولكن ورث أيضا عقيدته ضال آخر يقال له الجهم بن صفوان وأظهر هذه العقيدة ونشرها، وتلقاها أيضا بعض من الجهلة، وخيل إليهم ذلك الضال أنهم إذا أثبتوا لله هذه الصفات فإنهم يجعلونه كالمخلوق، يصورون لهم أن صفات الخالق إذا اتصف بها فإنها تكون شبيهة بصفات المخلوق، فعند ذلك أظهر بأن الله تعالى ليس له سمع ولا بصر ولا يتكلم ولا يعلم ولا يقدر ولا يجيء لفصل القضاء ولا يحب ولا يكره إلى غير ذلك؛ فأنكروا عليه سلف الأمة وضللوه وبدعوه؛ حيث إن هذه الصفات موجودة أدلتها في كتاب ربهم وفي أحاديث نبيهم -عليه الصلاة والسلام- فكان لا بد من إثباتها، ومن نفاها فقد تنقص الرب سبحانه وتعالى، ومن نفاها فقد أنكر ما أخبر الله به، واعترض على الله، واعترض على نبيه، واعترض على المؤمنين.