الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
شرح لمعة الاعتقاد
231949 مشاهدة
مقولة بشر المريسي

ومع أن هذا من الفطرة ومن الأدلة الواضحة؛ ومع ذلك فإن بدعة هذا الجهم تمكنت وانتحلها كثير وأظهرها كثير، ثم انتحلها أيضا مخدوع مبتدع يقال له بشر المريسي ودعا إليها، وأظهر أن القرآن مخلوق كما أن الإنسان مخلوق، وأظهر أن الله ليس بمتكلم -تعالى الله عن قوله- وأظهر أن الله لا يأتي لفصل القضاء، وأنه ليس على العرش، وأنه ليس فوق السماء إله يعبد، وأن الله لا يحب ولا يبغض ولا يكره ولا يأمر ولا يحكم، وأن الله تعالى ليس له سمع ولا بصر إلى آخر ذلك، فكان هذا ممن أزاغ الله قلبه بسبب شبهات تلقاها عن شيخه الجهم أو عن شيخه الجعد لا شك أن هذا مما تنكره الفطر ومما تشمئز منه النفوس وتقشعر منه الجلود، فأنكروا عليه سلف الأمة وجادلوا في إنكاره وبينوا ضلالته.