شرح لمعة الاعتقاد
أدلة إثبات كلامه سبحانه وتعالى عند أهل السنة
ثم قول المؤلف (بكلام قديم) يعني جنسه قديم (وليس له بداية) جنس الكلام قديم (ولكن لا يزال يتكلم إذا شاء) فلذلك قالوا: قديم النوع حادث الآحاد؛ يعني إذا شاء يتكلم كلام الله تعالى يسمعه منه من شاء من خلقه أي أنه كلام مسموع إذا شاء سمعه من خلقه من أراد إسماعه فقد سمعه منه موسى اسم> من غير واسطة؛ موسى اسم> عليه السلام قد أثبت الله تعالى أنه كلمه وأنه ناداه.
قال الله تعالى: رسم> وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا قرآن> رسم> صريح في أنه كلم موسى اسم> لما كانت هذه الآية صريحة في إثبات كلام الله حاول بعض المعتزلة أن يحرفها؛ فجاء إلى أحد القراء وهو أبو عمرو اسم> فقال: أطلب منك أن تقرأ هذه الآية: وكلم اللهَ موسى تكليما يريد أن يحرفها وكلم اللهَ موسى اسم> أي أن موسى اسم> هو الذي كلم الله، كلم موسى اسم> ربَّه، فعند ذلك قال له أبو عمرو اسم> هب أني قرأتها كذلك أو أنت قرأتها كذلك كيف تصنع بقول الله تعالى: رسم> وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قرآن> رسم> ؟ فانقطع ذلك المعتزلي، وعرف أنه لا حيلة له فيها فإنها صريحة رسم> وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قرآن> رسم> فلا يمكن تحريفها.
قد أثبت الله تعالى أنه كلم موسى اسم> في قوله تعالى: رسم> تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ قرآن> رسم> صريح في أنه كلمه ربه، كذلك أيضًا سمع كلامه جبريل اسم> عليه السلام سمع الكلام من الله ويسمعه في حديث أبي هريرة اسم> الذي ذكر في صحيح البخاري اسم> يقول صلى الله عليه وسلم: رسم> إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله كأنه سلسلة على صفوان، فإذا سمع ذلك أهل السماوات صعقوا وخروا لله سجدا فيكون أول من يرفع رأسه جبريل اسم> فيكلمه الله من وحيه بما يشاء متن_ح> رسم> .
أخبر بأنه يكلمه -يعني يخاطبه- ويقول له: الأمر كذا أو حدث كذا أو افعل كذا أو أرسلك إلى كذا وكذا؛ ويسمع كلام الله تعالى من أذن له من الملائكة ومن الرسل.
الملائكة أيضًا يسمعون كلام الله إذا شاء، وكذلك الرسل فإن النبي صلى الله عليه وسلم عرج به إلى السماء، ثم كلمه الله وفرض عليه خمسين صلاة، ثم إنه راجع ربه يقول: يا ربي خفف عن أمتي حتى جعلها خمسا، وقال: أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي هي خمس وهي خمسون من أتى بها فله أجر خمسين.
فكلمه ربه؛ وأسمعه كلامه، فدل على أنه يكلم من شاء من عباده ومن رسله؛ وثبت في حديث الشفاعة أن الله سبحانه يكلم المؤمنين في الآخرة، ويكلمونه في الجنة، ويأذن لهم في الجنة فيزورونه ويسمعون كلامه، وكلما زاروه أو كلما أراد الله تعالى تجلى لهم ورأوه ثم كلمهم وكلموه وفهموا كلامه.
فلا شك أن هذه أدلة واضحة الدلالة في أن الله تعالى متكلم، ويتكلم إذا شاء.
دلت على ذلك الآيات الكثيرة من القرآن؛ كقول الله تعالى: رسم> وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ قرآن> رسم> صريح في أن هذا كلام حقيقي رسم> لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ قرآن> رسم> وكذلك قوله: رسم> وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ قرآن> رسم> رسم> وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ قرآن> رسم> –يعني- صريح في أنها كلام الله؛ وقد أخبر الله تعالى: بأن كلامه ليس له نهاية فقال تعالى: رسم> قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي قرآن> رسم> .
كرر الكلمات رسم> كَلِمَاتُ رَبِّي قرآن> رسم> وقال تعالى: رسم> وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ قرآن> رسم> –يعني- لو كانت البحار كلها مداد حبر ومعها سبعة أبحر مثلها؛ وكانت أشجار الأرض كلها من أول الدنيا إلى آخرها أقلام؛ فكتب بتلك الأقلام؛ وكتب بتلك البحار، لنفدت البحار، وتكسرت الأقلام قبل أن يفنى كلام الله تعالى، وكيف يفنى وهو لا بداية له ولا نهاية؟ فإنه كلام الله الذي ليس له بداية، والمخلوقون لهم بداية ولهم نهاية؛ فلذلك عظم الله تعالى كلامه.
استدل المؤلف بالآيات كقوله تعالى: رسم> وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا قرآن> رسم> صريح أولا: (كلَّم) فعل ماض؛ وثانيا: (تكليما) مصدر مؤكد للكلام أنه كلمه تكليما. الآية صريحة في أن الله تعالى كلمه كما شاء.
ذكر شيخ الإسلام أن المعتزلة أرادوا أن يغيروا معنى هذه الآية، أو معنى هذه الكلمة فقالوا: رسم> وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى قرآن> رسم> يعني جرحه بأظافير الحكمة. لأن (الكلم) هو الجرح كما في الحديث: رسم> ما من مكلوم يكلم متن_ح> رسم> جرحه بأظافير الحكمة، وهذا تحريف للكلم عن مواضعه.
فإن (التجريح) عذاب لا يمكن أن يعذب رسله ثم إن التجريح لا مناسبة له فإنه بعيد عن أن يثبته الله ثم إن هذا مدح لموسى اسم> عليه السلام وكيف يمدحه بما فيه ألم وبما فيه عذاب؟ ثم أيضًا ترد ذلك الآيات الأخرى منها قول الله تعالى: رسم> قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي قرآن> رسم> قال أليست قال: -يعني- أي تكلم نادى موسى اسم> بقوله: رسم> يَا مُوسَى قرآن> رسم> أليس هذا نداء رسم> يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي قرآن> رسم> –يعني- بتكليمي لك بكلامي صريح لا يقدرون أن يحرفوه لو كان على ما قالوا لقال: بتكليمي أي بتجريحي.
وأيضًا لا يكون التجريح اصطفاء وإنما يكون تأليما فالآية فيها قوله رسم> وَبِكَلَامِي قرآن> رسم> وفيها نداء موسى اسم> رسم> يَا مُوسَى قرآن> رسم> وكذلك قوله تعالى: رسم> منهم من كلَّم الله قرآن> رسم> أي منهم موسى اسم> الذي كلمه الله؛ وكذلك محمد اسم> عليه الصلاة والسلام؛ فإنه أيضًا سمع كلام الله؛ واستدل أيضًا بقوله تعالى: رسم> وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ قرآن> رسم> –يعني- في الدنيا لا يمكن لأحد من البشر أي من جنس بني آدم اسم> أن يكلمه الله إلا وحيا ينزل عليه الوحي بواسطة الملك فيكون بذلك يأتيه كلام الله.
كذلك رسم> أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ قرآن> رسم> أي يكلمه من وراء حجاب فإنه كلم موسى اسم> من وراء حجاب سمع موسى اسم> كلامه ولم ينظر إليه ولهذا طلب النظر لما كلمه قال تعالى: رسم> وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قرآن> رسم> ؛ لما أنه سمع كلام الله أحب أن ينظر إلى ربه قال يا موسى اسم> رسم> قَالَ لَنْ تَرَانِي قرآن> رسم> أي لا تقدر أن تثبت لرؤيتي رسم> وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا قرآن> رسم> .
فالآية صريحة في أن موسى اسم> سمع كلام الله وأحب أن ينظر إلى ربه ولكن أخبره بأنه لا يقدر ولا يستطيع أن يثبت على الرؤية لله تعالى والنظر إليه كما لم يثبت الجبل مع رسوخ الجبل ومع عظمته تجلى للجبل ولما تجلى له اندك الجبل من هيبة الرب تعالى . فكل هذا صريح في إثبات أن الله تعالى تكلم.
ومن الأدلة أيضًا قول الله تعالى: في قصة موسى اسم> رسم> وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ قرآن> رسم> رسم> نُودِيَ قرآن> رسم> ؛ (النداء) لا يكون إلا بكلام؛ ما ذلك النداء. النداء الذي نودي به أن قيل رسم> يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ قرآن> رسم> هكذا نودي وسمع النداء بأن قيل له رسم> يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوًى وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى إِنَّنِي أَنَا اللهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدْنِي قرآن> رسم> إلى آخر الآيات فهل يقول هذا غير الله هل يمكن أن يكون هذا من كلام غير الله.
المعتزلة يقولون: إن الله خلق في الشجرة هذا الكلام؛ الشجرة هل تقول رسم> إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي قرآن> رسم> –يعني- إذا خلقه في الشجرة فمعناه أن الشجرة هي التي تتكلم وبلا شك أنه رأى نارا تشتعل في تلك الشجرة ولذلك قال الله تعالى: رسم> فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى قرآن> رسم> أي رأى تلك الشجرة وفيها تلك النار فجاء إليها يظن أنها نار يريد أن يأخذ منها قبسا لأهله يستدفئون عليه فلما جاءها سمع النداء وليس النداء من الشجرة وإنما جيء به إلى هذه الشجرة حتى يسمع كلام الله فناداه الله تعالى وأسمعه كلامه.
قد ذكر الله تعالى: النداء لموسى اسم> في عدة آيات في سورة الشعراء رسم> وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِين قرآن> رسم> (النداء) لا يكون إلا بكلام؛ وفي سورة النازعات رسم> هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوًى قرآن> رسم> أليس النداء يكون بكلام مسموع! وفي سورة مريم في قوله تعالى: رسم> وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا قرآن> رسم> النجي هو الذي يكلم كلاما لا يسمعه غيره.
ففي هذه الآيات إثبات أن الله تعالى نادى موسى اسم> وأسمعه النداء؛ وكذلك قد أخبر الله تعالى بأنه ينادي في قوله تعالى: رسم> وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ قرآن> رسم> –يعني- آدم اسم> وزوجه ناداهما فهل يكون النداء بغير كلام، وكذلك قال الله تعالى: رسم> وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ قرآن> رسم> في ثلاثة مواضع من سورة القصص رسم> وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ قرآن> رسم> النداء لا يكون إلا بكلام هكذا تعرفه العرب يقول بعض الشعراء:
وداع دعا يـا مـن يجيب إلى النداء | فلم يسـتجيب عند ذاك مجـيب |
فقلت ادع أخـرى وارفـع الصـوت | جهرة لعل أبي المغوار اسم> منك قريب |
فقلـت ادعي وأدعـو إن أنـدى | لصوت أن ينـادي داعيـــان |
وكذلك قوله: رسم> وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا قرآن> رسم> (المناجاة) هي الكلام الذي بين اثنين في قوله رسم> وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى قرآن> رسم> (المناجاة) هي الكلام الخفي بين اثنين كلها صريحة في إثبات أن الله تعالى يتكلم بكلام يسمعه من يشاء من عباده فقوله تعالى: رسم> إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي قرآن> رسم> يقول: (غير جائز أن يقول هذا إلا الله) لا يجوز أن تقوله الشجرة ولا أن يقوله الطور الذي هو الجبل.
رسم> وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ قرآن> رسم> قال بعضهم: إن المراد أن الجبل هو الذي نطق فهل الجبل يقول: رسم> إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي قرآن> رسم> نقل عن عبد الله بن مسعود اسم> رضي الله عنه إذا تكلم الله تعالى بالوحي سمع صوته أهل السماء. روي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الروايات رسم> أن الله عز وجل إذا تكلم بالوحي سمع أهل السماء للسماء صلصلة كجر السلسلة على الصفا فيصعقون فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم جبريل اسم> فإذا جاءهم جبريل اسم> فُزِّع عن قلوبهم فيقولون يا جبريل اسم> ماذا قال ربك؟ فيقول: الحق فينادون: الحق الحق متن_ح> رسم> .
فيشير في ذلك إلى الحديث الذي ذكرنا؛ والذي هو مذكور في كتاب التوحيد رسم> إذا أراد الله أن يوحي بالأمر تكلم بالوحي أخذت السماوات منه رجفة -أو قال رعدة شديدة- خوفا من الله عز وجل فيكون أول من يرفع رأسه جبريل اسم> فيكلمه الله تعالى من وحيه بما يشاء ثم ينادي جبريل اسم> رسم> .
فالحاصل أن الأدلة واضحة في أن الله تعالى كلم بعض رسله بدون واسطة من وراء حجاب؛ وأنه في يوم القيامة يكلم المؤمنين؛ ويقول: أنا ربكم فهذه أدلة تدل على إثبات أن الكلام صفة كمال ونفيه صفة نقص روى عبد الله بن أنيس اسم> عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رسم> يحشر الخلائق يوم القيامة حفاة عراة متن_ح> رسم> في بعض الروايات رسم> حفاة عراة غرلا بُهما متن_ح> رسم> رسم> فيناديهم بصوت يسمعه من بَعُد كما يسمعه من قرب أنا الملك أنا الديان متن_ح> رسم> رواه الأئمة.
واستشهد به البخاري اسم> فهذا النداء يناديهم بصوت يسمعه من قرب ومن بَعُد مما يدل على أنه صوت مسموع من كلام الله تعالى وفي حديث آخر رسم> أن الله تعالى يقول يا آدم فيقول: لبيك وسعديك فينادي بصوت إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثا إلى النار متن_ح> رسم> فقوله: رسم> ينادي بصوت رسم> أي يناديه الله تعالى بصوت يسمعه آدم اسم> والصوت لا يكون إلا بكلام فهو واضح الدلالة في أنه يسمع كلام الله وفي أن الخلق في يوم القيامة يسمعون كلام الله.
وفي بعض الآثار: أن موسى اسم> عليه السلام ليلة رأى النار التي في الشجرة لما أقبل على الشجرة؛ وإذا الشجرة تشتعل نارا ففزع منها فلما فزع وهالته ناداه ربه يا موسى اسم> فأجاب سريعا استئناسا بالصوت لما سمع الصوت: لبيك لبيك أسمع صوتك ولا أرى مكانك فأين أنت؟ ففي هذا أنه أجاب ربه بقوله: لبيك. لبيك وأنه قال: أسمع كلامك دل على أنه سمع كلام الله؛ وأنه قال: فأين أنت؟ وأن الله قال: أنا فوقك وأمامك وعن يمينك وعن شمالك يعني أن الله تعالى محيط بخلقه وأنه تعالى عالم بهم فهو معهم أينما كانوا كما في قوله تعالى: رسم> مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إلا هو رابعهم قرآن> رسم> .
(النجوى) يعني الكلام الخفي رسم> إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ قرآن> رسم> –المعنى- أنا معك أينما كنت أمامك وخلفك وفوقك وتحتك وعن يمينك وعن شمالك يعنى محيط بك ومحيط بالخلق ولا يمنع في ذلك أن الله تعالى فوق عباده كما أخبر الله لما سمع ذلك موسى اسم> علم أن هذه الصفة لا تنبغي إلا لله تعالى قال: فكذلك أنت يا إلهي لك ذلك، أنت يا إلهي –أي- أنك قريب من عبادك أفكلامك أسمع أم كلام رسولك؟ قال: بل كلامي يا موسى اسم> كلامه الذي أسمعه موسى اسم> وهو على الأرض؛ وكذلك أسمعه موسى اسم> لما كان على الطور؛ الطور الجبل؛ قال تعالى: رسم> وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا قرآن> رسم> وقال تعالى: رسم> وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ قرآن> رسم> يعني واعده الله في جانب الطور فكلمه وهو على الطور ؛ فالحاصل أن هذه أدلة تدل على أن الله تعالى متكلم وأنه يتكلم إذا شاء.
مسألة>