إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) logo اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
shape
شرح لمعة الاعتقاد
271764 مشاهدة print word pdf
line-top
إثبات صفة الرضا والغضب لله تعالى

من الآيات التي فيها صفات: قوله تعالى: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ الرضا: صفة فعلية ذكر الله تعالى عن نفسه أنه يرضى وإذا رضي فإنه يثيب, ورد في حديث قدسي أن الله تعالى يقول: إذا أطعت رضيت وإذا رضيت باركت وليس لبركتي نهاية وإذا عصيت غضبت وإذا غضبت لعنت, ولعنتي تبلغ السابع من الولد هكذا جاء في هذا الأثر فأثبت فيه الغضب والرضا.
ذكر الله تعالى أنه رضي عن أوليائه في قوله تعالى: وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وفي قوله تعالى: جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا وفي قوله تعالى: وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ وغير ذلك من الآيات؛ فيها إثبات الرضا صفة فعلية.
يرضى إذا شاء, ويغضب إذا شاء, ويرضى عن هؤلاء, ويغضب على آخرين؛ فالرضا والغضب صفتا فعل يفعلهما إذا شاء, وكذلك أنكر هذه الصفة الأشاعرة والمعتزلة, وادعوا أن هذه لا تليق بالخالق, وقالوا: إن الرضا انبساط وسرور؛ يظهر على الإنسان؛ إذا رأى شيئا يفرحه, وهذا ينزه عنه الخالق, وقالوا: إن الغضب غليان دم القلب لطلب الانتقام, وأنه يحصل منه انفعال؛ أن الإنسان إذا غضب احمر وجهه, وانتفخت أوداجه؛ فهو يريد الانتقام ممن أغضبه, فهذه الصفات ينزهون الله تعالى عنها.
ونحن نقول: إن هذه صفة المخلوق الغضب الذي هو غليان دم القلب لطلب الانتقام إنها صفة المخلوق؛ غضب المخلوق, وأما الخالق فيغضب غضبا يليق به؛ أثبته لنفسه, وفي حديث الشفاعة يقول: أنهم يأتون آدم فيقولون: اشفع لنا فيقول: إن ربي قد غضب اليوم غضبا؛ لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله كل واحد من الأنبياء أولو العزم يقول ذلك, فهذا دليل على أن الأنبياء يثبتون لله صفة الغضب وأنه يغضب كما شاء وأنه يرضى إذا شاء الرضا والغضب متقابلان يرضى عن هؤلاء ويغضب على آخرين.

line-bottom