اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . logo الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
shape
شرح لمعة الاعتقاد
271863 مشاهدة print word pdf
line-top
من الإيمان بالغيب: الإيمان بالميزان

ثم ذكر الميزان الميزان له كفتان وله لسان توزن به أعمال العباد الكفتان هي التي توضع فيهما الأعمال واللسان هو الذي يعرف ثقله إذا ثقل هذا مَالَ من هنا، وإذا ثقل هذا مَالَ من هنا كما هو معروف في الميزان الذي توزن به الحوائج ونحوها، يؤمن أهل السنة بذلك ولا عبرة بمن أنكر ذلك كالمعتزلة ونحوهم.
وقالوا: إنه لا يحتاج إلى الميزان إلا البصال والبقال وما أشبههم، وفسروا الميزان هنا بأنه العدل في قوله وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ قالوا العدل وكذلك في قوله: فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ ذكر الله تعالى الميزان في عدة آيات منها في سورة الأعراف فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ .
في سورة قد أفلح المؤمنون وفي سورة القارعة: فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ وفي سورة الأنبياء: وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وفي سورة الزلزلة فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ قيل إن الوزن يكون للعامل العامل نفسه يوزن قال تعالى فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا يعني نفس الإنسان يوضع في الميزان فيخف إن كان شقيا، ويثقل إن كان سعيدا.
ورد أنه صلى الله عليه وسلم رأى مرة ابن مسعود صعد على شجرة يقطع منها سواكا؛ فعجب الناس من دقة ساقيه فقال صلى الله عليه وسلم: إنهما أثقل في الميزان من جبل أحد دليل على أن الإنسان نفسه يوزن، وقيل إن الأعمال تجسد تكون أجراما ثم توزن يدل على ذلك، قوله صلى الله عليه وسلم: والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملأ أو تملآن ما بين السماء والأرض .
ويقول صلى الله عليه وسلم: كلمتان ثقيلتان في الميزان خفيفتان على اللسان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم دليل على إثبات الميزان، ودليل على أن الأعمال أنفسها تجسد؛ لأن الكلام ليس له جرم، ولكن الله تعالى قادر على أن يجعله أجسادا، وقيل: إن الوزن للصحائف التي بأيدي الملائكة؛ إذا كان في يوم القيامة أحضرت تلك الصحف، والتي كتبت فيها الأعمال فتثقل أو تخف بحسب ما فيها من العمل ومن الإخلاص.
دليل ذلك ما ورد في حديث صاحب البطاقة أنه يؤتى برجل قد عمل سيئات فينشر له تسعة وتسعون سجلا كل سجل منها مد البصر يعني مد ما يبصره الإنسان ولو كان مثلا خمس كيلو أو نحوها مكتوب فيها سيئاته فيقال: هل تنكر شيئا من هذا كله فيقول لا يا رب فيقال: ألك عذر فيقول: لا يا رب فيقال: ألك حسنة فيقول: لا يا رب فيقال: بلى، إن لك عندنا حسنة فتخرج له بطاقة فيها الشهادتان فيقول يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فيقال: إنك لا تظلم؛ فتوضع البطاقة في كفة والسجلات في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة .
دليل على أن هذا ختم له بخاتمة حسنة، وأنه أخلص في آخر حياته؛ ودليل على أن من عمل حسنة فإن الله تعالى يثيبه عليها.
ودليل على أن الصحف أيضا توزن، ولا مانع من أن نقول: إن الإنسان نفسه يوزن، وإن الأعمال تجسد تجعل أجسادا وتوزن، وأن نفس الصحف توزن أيضا، كل ذلك في الإمكان الله تعالى أخبر بأن هذا كله أو دل على أنه يوزن.

line-bottom