الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. logo تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
shape
شرح لمعة الاعتقاد
271717 مشاهدة print word pdf
line-top
من الإيمان بالغيب: الإيمان بالجنة والنار

بعد ذلك ذكر الإيمان بالجنة والنار وهل هما موجودتان الآن؟ نعم نؤمن بأن الجنة والنار مخلوقتان، وأنهما موجودتان الآن؛ أنكر ذلك بعض المبتدعة وقالوا: كيف تبقى مدة طويلة ليس فيها أحد وقالوا: إن الله ينشئهما في الآخرة يخلق الجنة والنار في الآخرة والصحيح: قول أهل السنة أنهما موجودتان.
وقد ذكر العلماء الأدلة على ذلك ومنهم ابن القيم في كتاب حادي الأرواح بدأ بذكر أن الجنة والنار مخلوقتان موجودتان الآن، وأنهما لا تفنيان يعني لا يقوم عليهما فناء؛ فالدار الأولى الجنة أعدها الله تعالى لأوليائه والنار عقاب لأعدائه.
ورد في حديث: أن الجنة قالت: يا رب يدخلني الضعفاء والمساكين، وقالت النار: يا رب يدخلني الجبارون والمتكبرون، فقال الله للجنة: أنت رحمتي أرحم بك من أشاء، وللنار أنت عذابي أعذب بك من أشاء، ولكل واحدة منكن علي ملؤها فنعتقد بأن الجنة والنار دائمة لا تفنى ولا تبيد، وأنها باقية ليس لها منتهى.
ولذلك قال الله تعالى: إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُون أي لا يخفف عنهم لا يخفف عنهم من عذابها، وأنهم يبقون فيها وأن أهل النار كما قال الله: أنهم لا يموتون فيها ولا يحيون أنها ليست حياة يستريحون فيها ولا موت يستريحون فيه، بل إنهم يتمنون الموت فيقولون: يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ أي ليريحنا من هذه الحياة فهذا مما أخبر الله به.
وذهب بعضهم إلى أن النار تفنى، وأوردوا على ذلك شبهات تعرض لها بعض المفسرين عند قوله تعالى في سورة هود خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ فقالوا: هذا استثناء يدل على أن لها منتهى، ولكن الصحيح أنها باقية.
قد ذكر الله تعالى تأبيد الخلود في أحد عشر موضعا من القرآن مثل قوله تعالى في سورة النساء: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا .
في أحد عشر موضعا أكثرها في خلود أهل الجنة، ومنها في خلود أهل النار، كقوله تعالى في عذاب أهل النار: وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا وغير ذلك من الآيات، ثم مما يدل على الخلود.
ما ذكر من أنه يؤتى بالموت في صورة كبش أملح يعني قريبا من الصراط، ويذبح بين الجنة والنار ثم يقال: يا أهل الجنة خلود ولا موت ويا أهل النار خلود ولا موت.
أنكر بعضهم هذا الفعل، وقالوا: كيف يذبح وهو عرض الموت، عرض ليس له جرم فكيف يتمكن من ذبحه .. فما معنى أن الله تعالى يجعله شيئا له صورة، وأنه يعدم يكون موته إعدامه.
وإذا قيل: أليس الذبح موت فكيف يموت الموت؟ وكيف يذبح الموت؟ فيقال: الله قادر على أن يكون هذا الذبح فيه خاصة، يكون هو الموت؛ وغيره مثلا من أهل النار لو ذبحوا ما ماتوا أي يحترقون ومع ذلك لا يموت فيها ولا يحيا.
فالحاصل أن هذا ونحوه دليل على أن أهل الجنة خالدين فيها أبدا، وكذلك أهل النار، وإذا آمن الإنسان بذلك فإنه تظهر عليه آثار هذا الإيمان بحيث يطلب في الدار الآخرة الجنة، ويهرب من عذاب النار...
.. نكتفي بهذا..

line-bottom