تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
شرح لمعة الاعتقاد
231955 مشاهدة
نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الغلو

وكان صلى الله عليه وسلم ينهى عن الغلو في قوله: إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين وثبت أيضا أنه صلى الله عليه وسلم كان يحب التواضع؛ لما دعاه قوم إلى أن يجلس في مكان مرتفع جلس على الأرض، وقال: إنما أنا عبد أجلس كما يجلس العبد وآكل كما يأكل العبد يعني: أنه عبد لله، وذكروا أن أعرابيا جاء إليه فظن أنه ليس كمثل أحد؛ ليس مثل الناس فتواضع له، وقال: إنما أنا ابن امرأة من قريش تأكل القديد .
القديد: هو النخل المجفف اليابس، يعني: أنني لم أخرج عن البشرية، فأنا ابن امرأة كما أن كل أحد فإنه مولود من امرأة، وأشباه ذلك مما يدل على محبته صلى الله عليه وسلم للتواضع وعدم رفعه فوق قدره الذي أنزله الله تعالى: ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله .
هناك آخرون يتسمون بالإسلام، ومع ذلك يحتقرون أوامره صلى الله عليه وسلم ويحتقرون سنته، ولا يطيعونه فتأتيهم الإرشادات والأوامر النبوية، ويضربون بها عرض الحائط مع ذلك يقولون: محمد رسول الله فمثل هؤلاء لم يطيعوه حق الطاعة بل لسان الحال من أحدهم، لسان أهل الحال بأحدهم يقول: لا أطيعك يا محمد ولو أمرتني بكذا وكذا.
عبر بعض العلماء مثلا عن الذين يسمعون قول النبي صلى الله عليه وسلم: قصوا الشوارب وأعفوا اللحى .
أن لسان الحال لأحدهم يقول: لا أطيعك يا محمد أنت تأمر بإعفاء اللحى، أنا أخالفك، أنا أحلقها، وألقيها في القمامة وأدوسها بالأحذية، أخالفك فيما أمرت به، إذا قلت: أكرموا اللحى، قلنا: سمعنا وعصينا؛ يعني يقول ذلك بلسان الحال لا بلسان المقال، فكل من بلغه أمر النبي صلى الله عليه وسلم فنبذه وراء ظهره؛ فإنه في الحقيقة مكذب أي: مكذب للرسالة إما إجمالا وإما تفصيلا، إما كليا وإما جزئيا، وكل من جاءه أمر من النبي صلى الله عليه وسلم ولم يمتثله صدق عليه أنه لم يكن من الذين شهدوا له بالرسالة، نقول: كيف تقول إنه رسول وأنت مع ذلك لا تطيعه؟ تأتيك أوامره فتنبذها خلف الظهر، لا شك أنك في هذه الحال لم تكن صادقا في أنه مرسل.
حق الرسول أن يتبع، حق الرسول أن يطاع، وطاعته من طاعة الله ومحبته من محبة الله، ذكر هنا بعض الطلاب أن بعض المدرسين في مدرسة ليلية اعترف أمام الطلاب بأنه يحب الله ورسوله، ولكنه لا يصلي، فقال: أنا لا أصلي، أنا أعترف أنني لا أصلي منذ أن خرجت، ومنذ أن نشأت لا أصلي، ولكن يكفيني أني أحب الله ورسوله، نقول: كذبت؛ فإنك لو كنت تحبه لأطعته..
تعصي الإله وأنـت تزعـم حبه
هذا عجيب في الفعـال بديـع
لـو كان حبك صادقا لأطعتــه
إن المحب لمن يحب مطيـــع
فهكذا انقسم الناس في حق النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذه الأقسام قسم غلو وقسم جفوا وقسم توسطوا.