إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
شرح لمعة الاعتقاد
186441 مشاهدة
شرح لمعتقد أهل السنة في القضاء والقدر

نعتقد أن قدرة الله تعالى عامة، ونعتقد مع ذلك أنه مكن الإنسان أعطاه السمع والبصر والفؤاد، وأعطاه الأيدي والأرجل وأعطاه القوة والتمكن، وأمره ونهاه؛ ولو كان لا قدرة له ما أمره ولا ما نهاه، ولكن مع ذلك فإن قدرة العباد مهما بلغت خاضعة لقدرة الله تعالى، وهو على كل شيء قدير.
فقدرتهم مغلوبة بقدرة الله تعالى، ومسبوقة بها، ولكن تنسب إليهم أفعالهم بقدرتهم، فيقال: هذا ممن اهتدى هداه الله فهو يصلي ويزكي ويصوم ويحج ويجاهد ويعتمر، ويدعو إلى الله، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وينفع نفسه وينتفع بذلك، وينفع به غيره.
ونقول أيضا: هذا ممن أبعده الله؛ فهو شقي لا يعرف الدين، ولا يعرف العبادة؛ فهو يزني ويرابي ويسرق ويقتل ويهزأ ويسخر ويغني، يفعل الأفعال الشنيعة ويشرك بالله، فهو طريد بعيد شقي محكوم عليه بالعذاب، فهو من أهل النار، فهذا شقي وهذا سعيد.
الله تعالى هو الذي قسمهم؛ فمنهم شقي وسعيد؛ فالشقي: هو الذي اختار وإن كان ذلك بقضاء الله أسباب الشقاوة؛ يعني حرمه الله تعالى عن الخير، ووكله إلى نفسه وتسلط عليه أعداؤه، فتسلط عليه الشيطان وأغواه وأخرجه من طريق الهداية، وأخرجه عن الاستقامة، فكفر بالله وأشرك به وسخر من الدين، وابتعد عن الإسلام، وفعل المعاصي كبيرها وصغيرها وابتدع البدع المكفرة والمضللة والمفسقة، فتنسب إليه أفعاله ويقال: هذا ممن فعل هذا واختار هذه الأفعال، ولو كان ذلك بقضاء الله تعالى وبقدره، فنعتقد أن للعبد قدرة، للعباد قدرة على أفعالهم، ولهم إرادة، ولكن الله تعالى هو الذي خلقهم، وهو الذي خلق قدرتهم وإرادتهم، فالعبد هو المؤمن وينسب إليه الإيمان، فيقال هذا من المؤمنين، وينسب إليه الكفر هذا من الكافرين.
وتنسب إليه أعماله؛ العبد هو المؤمن والكافر والبار والفاجر والمصلي والصائم، وللعباد قدرة على أفعالهم، ولهم إرادة، ولكن الله خالقهم وخالق قدرتهم وإرادتهم، وقدرة الله تعالى غالبة على قدرة المخلوقين، فلا نجعل القضاء والقدر حجة على أفعال المعاصي مثل هؤلاء الجبرية.
لا شك أن الجبرية هؤلاء متناقضون، وأنهم لا حجة لهم لما يقولونه في القضاء والقدر، هم متناقضون.