الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه logo شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
shape
شرح لمعة الاعتقاد
258180 مشاهدة print word pdf
line-top
الإيمان بالأقدار

وذكر بعد ذلك الإيمان بالأقدار؛ يعني الذي يلزمنا الإيمان به، بالقضاء والقدر كما تقدم.
فالحاصل أن الأمة الإسلامية يعترفون بوجوب طاعة ولاة أمورهم وأمرائهم ولا يجيزون الخروج عليهم ولا قتالهم، كما سيأتينا أيضا إن شاء الله، وكذلك أيضا لا يجيزون أو لا يمنعون من الصلاة خلف ولاة الأمور؛ ولو كان فيهم ما كان، بل كان الصحابة رضي الله عنهم والتابعون وتابعوهم يصلون خلف الحجاج .
ولما وكله عبد الملك على إقامة الحج أمره بأن يقتدي بابن عمر رضي الله عنه؛ لأن ابن عمر من بقايا الصحابة ومن أكابرهم، فكان يقتدي به يقول: متى نقف؟ ومتى ننصرف؟ وكذلك أيضا لما كان في العراق كان يخطب وكانوا يصلون خلفه الجمعة والعيد، وقبله أمير أمره عثمان رضي الله عنه وهو الوليد بن عقبة بن أبي معيط كان أميرا على العراق يصلي بهم أي الجمعة والأعياد وبعض المواقيت ويصلون خلفه، مع أنه اتهم بأنه يشرب الخمر، وشهد عليه واحد أنه شرب الخمر، وشهد عليه آخر أنه تقيأها، فعند ذلك أمر عثمان رضي الله عنه عليا أن يجلده فأقام عليه الحد، كل ذلك دليل على أنهم يصبرون على الولاة، ولو كان فيهم شيء من الخلل، ولو فعلوا شيئا من المحرمات.

line-bottom