تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
شرح لمعة الاعتقاد
219266 مشاهدة
الحكمة في أفضلية الصحابة

لا شك أن هذا دليل على ما حباهم الله تعالى به من الفضل؛ وذلك لأنهم أسلموا في حال ضعف الإسلام وقلة أهله؛ فعرفوا الإسلام وعرفوا أهميته، وعرفوا التوحيد وعرفوا ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وصدقوه من كل قلوبهم، ورسخ الإيمان في قلوبهم؛ فالإيمان في قلوبهم أرسى من الجبال؛ ولهذا صبروا على الأذى، وصبروا على العذاب، فمنهم من أوذي في مكة وشدد عليهم في الأذى، وضربوا وحبسوا وألقوا في الشمس، وألقيت الصخور على صدورهم، ولم يصدهم ذلك عن إيمانهم.
ومنهم من تكبد المشقة، فانتقلوا من مكة إلى الحبشة التي تعرف الآن بإثيوبيا ؛ انتقلوا هناك، وآثروا تلك البلاد البعيدة التي أهلها من الحبشة ؛ ليسوا من العرب، آثروها حتى يأمنوا على دينهم، وتركوا بلادهم التي هي حبيبة إليهم، وتركوا أموالهم وتركوا أقوامهم وعشائرهم، هجروا أهليهم كلهم وأقاربهم في ذات الله تعالى، فكان ذلك سببا أو دليلا على فضلهم، ثم لما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم رجع الذين كانوا بالحبشة وجاء أيضا الذين كانوا بمكة ولم يهاجروا هاجروا إلى المدينة وتركوا أموالهم لله تعالى كما ذكر عن صهيب وخباب أنهم تركوا أموالهم، ونزل في أحدهم قول الله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ ؛ ذلك لأنه كان له أموال وله ديون، فلما أراد أن يهاجر منعه أهل مكة فقالوا: جئتنا وأنت فقير، وكيف تخرج بهذه الأموال التي اكتسبتها عندنا؟ فقال: أشتري منكم نفسي، الأموال كلها لكم التي عند فلان وفلان وفلان، فخرج فريدا بنفسه، أليس ذلك دليلا على أنهم آثروا الإيمان؟ وأن الإيمان امتلأت به قلوبهم؟
ذلك بلا شك دليل على فضلهم، والأدلة على فضلهم كثيرة لو لم يكن منها إلا غزوهم مع النبي صلى الله عليه وسلم وتعرضهم للقتال وإنفاقهم أموالهم، وما يملكون كلها في سبيل الله سبحانه وتعالى، فهذه أدلة فضائلهم.