قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
شرح لمعة الاعتقاد
194011 مشاهدة
الترضي عن الصحابة والاستغفار لهم

أما أهل السنة فيترضون عنهم؛ لأن الله ترضى عنهم في قوله تعالى: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ وفي قوله تعالى: لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ .
فذكر أنه بهم رءوف رحيم وذكر أنه تاب عليهم، كذلك نستغفر لهم نقول: رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ والاستغفار: طلب المغفرة إذا صدر من أحدهم شيء من السيئات أو الأخطاء، فإنها قد غُفِرت لهم، كيف تغفر لهم لأنهم سبقوا غيرهم، فهم أولى بأن يغفر الله ما صدر من أحدهم من سيئة أو نحوها تُغفر لهم لأجل أعمالهم الصالحة التي عملوها في وقت القلة، وفي وقت الشدة، تُغفر لهم لأنهم صبروا على الأذى الذي نالهم ...والصبر بلا شك من أمثالهم يكون مضاعفا، تُغفر لهم؛ لأنهم صحبوا نبيهم -صلى الله عليه وسلم- وجالسوه، وآنسوه، وهذه الصحبة تصير شرفا أي صفة شرف، وفضل لهم، تُغفر لهم لأنهم جاهدوا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- وواسوه بأموالهم وأنفسهم، وآثروه على أنفسهم.
تُغفر لهم بسبب أنهم أقرب إلى أن يشفع لهم النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه رآهم بأعيانهم، وعرفهم بأشخاصهم. أما رؤية الأمة غيرهم، فإنما يعرفهم بصفاتهم يعني لكونهم غرلا محجلين، وأما الصحابة فيعرف أعيانهم، فهم أولى بأن يشفع لهم إذا كان قد صدر من أحدهم ذنب، فإنه قد تاب منه ثم قال تعالى: لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ أو غفر له بسوابقه لأعماله السابقة أو أتى بحسنات تمحوه فإن الحسنات يُذهبن السيئات أو غفر له بشفاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- أو غُفرت لهم بمصائب أصيبوا بها، فتكون المصائب مكفرة لما حصل بينهم، وما حصل منهم من باب الأخطاء.
فهذا لو قدر أن لهم ذنوبا محققة أنها ذنوب يعني: يعاقب على مثلها مع أن الذين نقلوا عنهم تلك الأخطاء إنما هي اجتهادات، أي اجتهادات فعلوها باجتهادهم فإن أصابوا فلهم أجران: أجر الاجتهاد، وأجر الإصابة، وإن أخطئوا فلهم أجر واحد أجر الاجتهاد، وخطأهم مغفور لهم؛ فكيف مع ذلك يحقد عليهم هؤلاء الرافضة ويسبونهم ويشتمونهم، المسلمون يستغفرون لهم كما أظهر الله تعالى لهم.