شرح لمعة الاعتقاد
الله فعال لما يريد عن علم تام وفق حكمة تامة
ومن صفات الله تعالى أنه الفعال لما يريد، لا يكون شيء إلا بإرادته، ولا يخرج شيء عن مشيئته ، وليس في العالم شيء يخرج عن تقديره ولا يصدر إلا عن تدبيره، ولا محيد عن القدر المقدور، ولا يتجاوز ما خط في اللوح المسطور، أراد ما العالم فاعلوه ولو عصمهم لما خالفوه، ولو شاء أن يطيعوه جميعا لأطاعوه، خلق الخلائق وأفعالهم، وقدر أرزاقهم وآجالهم ، يهدي من يشاء برحمته ويضل من يشاء بحكمته، قال الله تعالى: رسم> لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ قرآن>
رسم> قال الله تعالى: رسم>
إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَر قرآن>
رسم> وقال تعالى: رسم>
وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا قرآن>
رسم> وقال تعالى: رسم>
مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا قرآن>
رسم> وقال تعالى: رسم>
فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا قرآن>
رسم> .
وروى ابن عمر اسم> رسم> أن جبريل اسم> عليه السلام قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ما الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، فقال جبريل اسم> صدقت متن_ح>
رسم> وانفرد مسلم بإخراجه. حديث>
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: رسم> آمنت بالقدر خيره وشره وحلوه ومره رسم> .
ومن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الذي علمه الحسن بن علي اسم> يدعو به في قنوت الوتر: رسم> وقني شر ما قضيت متن_ح>
رسم> .
ولا نجعل قضاء الله وقدره حجة لنا في ترك أوامره واجتناب نواهيه، بل يجب أن نؤمن ونعلم أن لله علينا الحجة بإنزال الكتب وبعثة الرسل ، قال الله تعالى: رسم> لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ قرآن>
رسم> .
ونعلم أن الله سبحانه وتعالى ما أمر ونهى إلا المستطيع للفعل والترك، وأنه لم يجبر أحدا على معصية ولا اضطره الى ترك طاعة.
قال الله تعالى: رسم> لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا قرآن>
رسم> وقال الله تعالى: رسم>
فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ قرآن>
رسم> وقال تعالى: رسم>
الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ قرآن>
رسم> فدل على أن للعبد فعلا وكسبا يجزى على حسنه بالثواب وعلى سيئه بالعقاب، وهو واقع بقضاء الله وقدره.
السلام عليكم ورحمة الله.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد اسم> وعلى آله وصحبه أجمعين.
جعل العلماء كل ما يتعلق بالأمور الغيبية من العقيدة، أدخلوه في عقائدهم؛ وأركان الإيمان أحدها: من الحديث النبوي الذي أشير إليه أن أركان الإيمان ستة: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
فتقدم ما يدل على الإيمان بالله وأسمائه وصفاته، ولا شك أنه هو الركن الأساس؛ الإيمان بالله تعالى إلها وربا وخالقا ومدبرا ومتصرفا.
الإيمان بالقضاء والقدر ركن من أركان رأس>
ثم الإيمان بكل أسماء الله تعالى وبكل صفاته، فالإيمان بالقدر جعل ركنا من أركان الإيمان مع أنه داخل في الإيمان بأسماء الله أو الإيمان بصفات الله؛ وذلك لأنه سبحانه هو الذي قدر الأشياء، وهو الذي خلقها وكونها، وهو الذي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد.
وهو الذي علم ما الخلق عاملون بعلمه القديم الذي حكمه.. موصوف به أزلا؛ فجاءت لذلك صار هذا الإيمان بالقدر متفرعا وجزءا من الإيمان بالله تعالى وبأسماء الله وبصفاته.
فالإيمان بأن الله تعالى موصوف بصفات الكمال ومن صفاته القدرة ومن أسمائه القدير؛ فالقدير هو الذي لا يعجزه شيء، الذي هو على كل شيء قدير، والقدرة هي صفة من صفاته؛ ولأنه سبحانه قادر على كل شيء؛ فيدعى من اسمه القدير، يا ربنا القدير، يا من هو على كل شيء قدير.
كذلك الفعال لما يريد من كمال قدرته أنه فعال لما يريد، قال الله تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
كذلك نعرف أيضا أنه سبحانه كل ما قضاه وقدره، وكل ما أمر به فإنه في غاية الحكمة وفي غاية المناسبة وعين الصلاح، ولا يقدر شيئا إلا وفيه المصلحة العظيمة، وفيه من الحكمة الكبيرة. كل ما أمر به فإنه في غاية الحكمة وفي غاية المناسبة، من خير أو شر.
فعال لما يريد ذكر أن أبا بكر اسم> رضي الله عنه لما مرض، قالوا له: ألا نأتيك بالطبيب، قال: قد رآني، قالوا: ماذا قال؟ قال: هو الذي يقول: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
ومن آثار ذلك أنه لا يكون شيء إلا بإرادته، كل ما في الوجود فإنه بإرادته، لا يحدث شيء إلا بعد أن يريده، كونا وقدرا، نقول: إن كل ما حدث فإنه مراد لله تعالى الإرادة الكونية القدرية..، وهي أنه سبحانه قدر الأشياء قبل وجودها، علم ما الخلق عاملون بعلمه القديم، ثم قدر ذلك.
فأولا: نؤمن بعلم الله تعالى بالأشياء؛ الأشياء المستقبلة، لا تخفى على الله بل يعلم بها قبل أن توجد، فيعلم من سوف يموت في السنة القادمة، وفي الأيام المستقبلة، ويعلم من سيمرض، ويعلم ما يصير فيها من قحط أو جدب أو خصب أو نعم أو خيرات، قدرها وعلمها؛ وذلك لأنه سبحانه علم عدد ما يكون من المخلوقات، وعلم عدد ما سوف يحدث من الكائنات، فلا يكون في الوجود إلا ما يريد.
ورد في الحديث، قال النبي صلى الله عليه وسلم: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
ولا يكون شيء ولا يحدث إلا بإرادته فعال لما يريد ولا يخرج شيء عن مشيئته، قال في الحديث: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
وفي حديث ابن عباس اسم> قول النبي صلى الله عليه وسلم: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
فليس في العالم شيء يخرج عن تقديره، العالم: الخلق كلهم.
ليس في العالم شيء يخرج عن تقديره يعني أن ما قدره عليه، يعني قدر على هذا الإنسان الغنى وقدر على هذا الفقر، ولا يستطيع أن يغير قدر الله، قدر على هذا الصحة، وعلى هذا المرض، ولا يستطيع أن يغير قدر الله.
وقدّر على هذا العلم وعلى هذا الجهل ولا يستطيع أن يغير قدر الله.
فليس في العالم شيء يخرج عن تقديره ولا يصدر إلا عن تدبيره تدبيره يعني فعله رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
ولا محيد لأحد عن القدر المقدور أي لا مفر ولا ملجأ ولا مخرج ولا ملتجى عن ما قدره الله من القدر المقدور؛ أي الأمر المقدر.
لا محيد لأحد عن القدر المقدور ولا يتجاوز أحد ما خط في اللوح المسطور اللوح الذي هو أم الكتاب، في قوله الله تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
فلا يتجاوز أحد ما خط وكتب عليه في اللوح المستور؛ يدخل في ذلك أفعال العباد.
أراد ما العالم فاعلوه، كل شيء يفعله العالم فهو داخل في إرادة الله تعالى، ولكنها الإرادة الكونية القدرية التي يدخل فيها كل ما يحدث في الوجود، كل ما يحدث في هذا الوجود فإنه مراد لله تعالى إرادة كونية قدرية أزلية قديمة؛ هذا معنى أراد ما العالم فاعلوه، ولو عصمهم لما خالفوه لو شاء لعصمهم، ولو عصمهم لما خالفوه ولما خرجوا عن طواعيته.
ولو شاء أن يطيعوه جميعا لأطاعوه، لو شاء سبحانه لعصمهم ولم يقعوا في شيء من المعاصي، لو شاء أن يطيعوه كلهم لأطاعوه، قال الله تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
ولا يكون في الوجود إلا ما يريد هكذا أخبر الله تعالى أنه قدر ما شاءه وما أراده، فلا يكون في الوجود إلا ما يريد.
ولو عصمهم لما خالفوه، ولو شاء أن يطيعوه جميعا لأطاعوه قال الله تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
وإذا حكم الله على إنسان أنه سعيد، وأنه تقي فإنه يقبل بقلبه ويهديه ويوفقه. الله تعالى لو شاء أن يطيعوه جميعا لأطاعوه، ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن.
خلق الخلائق وأفعالهم قال الله تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
خلق الخلائق وأفعالهم وقدر أرزاقهم وآجالهم في الحديث: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
يكتب ذلك كله وهو في بطن أمه، يكتب رزقه الغني والفقر، وأجله العمر قصيرا أو طويلا، وسعادته وشقاوته وأعماله، يكتب كل ذلك وهو في الرحم، ولا يزاد ولا يتغير ما يكتبه.
لو عصمهم لما خالفوه خلق الخلق وأفعالهم قدر أرزاقهم وآجالهم يهدي من يشاء برحمته من هداه الله تعالى فهو فضل منه ورحمة.
ويضل من يشاء بحكمته، من أضله الله، وحرمه وصرفه عن الهدى، فهو لحكمة علمه فيه، يعلم أن هذا أهل للهداية فيقبل بقلبه ويوفقه ويهديه ويسدده، ولذلك أسباب.
ويعلم أن هذا شقي طريد بعيد، ليس أهلا أن يهدى فيطرده ويحكم بإبعاده وطرده وعدم إقباله وعدم اهتدائه، يعلم من هو أهل للهداية ومن هو أهل للشقاوة.
مسألة>