إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
شرح لمعة الاعتقاد
219124 مشاهدة
فتنة خلق القرآن

ظهر بعده أيضا تلميذ له يقال له ابن أبي دؤاد وكان فصيحا جريا في القول وفي الكلام، وقدر أنه تمكن من أحد الخلفاء العباسيين وصار وزيرا له فزين له ما كان يعتقده مما هو عليه من هذا الاعتقاد الخاطئ، زين له أن إثبات هذه الصفات تشبيه، وأنه يؤدي إلى أن العبد يصف الله بصفات الخلق، فلما زين له ذلك انتحل المأمون هذه العقيدة الزائغة وظن أنها هي العقيدة السليمة، فأمر بامتحان العلماء وأهل السنة وصرفهم عما كانوا عليه من هذه العقيدة السيئة وإلزامهم بأن يعتقدوا أن القرآن مخلوق، وأن الله ليس له كلام -تعالى الله عن ذلك- فلما كثر هؤلاء الزائفون وتمكنوا وامتحن العلماء وصبروا.