قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
شرح لمعة الاعتقاد
219289 مشاهدة
من السنة هجران أهل البدع وترك الجدال والمراء

من السنة -أيضا- هجران أهل البدع. البدع تنقسم إلى: بدع اعتقادية، وبدع عملية، فالبدع الاعتقادية: هي البدعة في العقيدة كبدعة المعتزلة ونحوها، وأما البدعة العملية: فهي التي يبتدع أهلها بدعا في الأعمال مثل بدعة إحياء ليلة النصف من شعبان، وإحياء ليلة المولد، وصلاة الرغائب وما أشبهها بدع عملية أضافوها إلى الشريعة، وليست منها فواجب علينا أن نهجر أهل البدع، ونبغضهم ونحقرهم، ونبتعد عنهم ونَحذر، ونُحذر الناس من أن ينخدعوا لقولهم مباينتهم هي الابتعاد عنهم.
من السنة ترك الجدال والخصومات في الدين كان كثير من العلماء لا يسمعون أقوال أهل البدع، ولا يخاصمونهم، يقولون: إننا نعرف أنهم على ضلال، وأن من سمع كلامهم وناظرهم خُشِي أن يقع فيما وقعوا فيه، وأن تكون تلك البدعة سببا في ضلاله إذا سمع منها شيئا إذا سمع من شبهاتهم.
فلذلك لا يجادلونهم، ولا يخاصمونهم بل يبتعدون عنهم، ويحذرون من سماع شبهاتهم، وسماع كلماتهم.
لكن إذا كان مع أحد العلماء قدرة أو قوة على مخاصمتهم فإن له مناظرتهم؛ أن يناظرهم فيما يقولون كما فعل ذلك شيخ الإسلام -رحمه الله- فإنه ناظر كثيرا من المبتدعة، فناظر البطائحية، وهم فرقة من المتصوفة يدعون الولاية، وظهر عليهم، وغلبهم، وقطع شبهاتهم، وناظر الأشاعرة مرارا في دمشق وناظروه هناك شهود عقيدته فغلبهم، وكذلك ناظر كثير منهم في مصر وغلبهم بالحجة.
كذلك -أيضا- الإمام أحمد بن حنبل ناظر المعتزلة الذين يقولون: إن القرآن مخلوق، وأتوا بشبهاتهم فأبطلها، وأتى بالأدلة فلم يستطيعوا أن يردوها، فالخصومات إذا كانت في دين الله، وكان الذين يتولون ذلك من الأقوياء الذين يتبعون تلك الشبهات حتى لا يكون لها بقية؛ لا شك -أيضا- أنهم من أهل الخير، وأنهم ينصرون بذلك دين الله تعالى، وأنهم يزيلون الشبهات التي تعترض لبعض الجهلة.
وأما إذا كان الإنسان ليس عنده قدرة على مقاومتهم، فإن عليه الابتعاد عنهم وعليه -أيضا- ترك مناظرتهم والتحذير من مجالستهم، كانوا ينهون عن النظر في كتب المبتدعة، يقولون: لا تقرءوا في كتبهم فإنها ضلال، لكن يتولون الرد عليها أيضا ويناقشونهم؛ فشيخ الإسلام رد على الأشاعرة في كتابه نقض التأسيس.
التأسيس كتاب للأشعري الذي يُقال له الرازي فرد عليه ونقده نقدًا ظاهرًا، فقد طبع بعض هذا الكتاب.
كذلك كتاب الرافضي الذي يُقال له ابن المطهر والذي سماه منهاج الكرامة؛ نقده شيخ الإسلام وردَّ عليه بكتابه الكبير الذي سماه منهاج السنة النبوية.
فإذا خيف أن الناس ينخدعون بكتبهم، فإن العلماء يتولون الرد عليهم كما فعل ذلك أئمة الدعوة، ..فإنه طبعت كتب كثيرة لأولئك القبوريين، والذين يكفرون أئمة الدعوة فرد عليهم أئمة الدعوة، وأبطلوا شبهاتهم؛ وعلى هذا لا يجوز النظر في كتب المبتدعة لمن يخاف عليهم الانخداع بها ولا يجوز الإصغاء إلى كلامهم.
كانوا يحذرون التلاميذ لا تسمعوا كلام فلان، ولا تسمعوا كلام فلان فإنه مبتدع وإن عنده بدعة. كل محدثة في الدين فإنها بدعة، ثم بين ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- وكل محدثة بدعة وقال: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد أي فهو مردود عليه.