لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. logo الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
shape
شرح نظم البرهانية
95421 مشاهدة print word pdf
line-top
السبب الثاني: الولاء

السبب الثاني: الولاء. ويراد به: ولاء العتاقة. إذا أعتق عبده فذلك العبد يكون مولى له كأنه من أحد أقاربه؛ فيرثه هو وعصبته الذكور -يعني- أولاده الذكور وأولادهم؛ إن لم يكن له أولاد ذكور فإخوته -يعني- الأقارب؛ يرثه هو وأقاربه؛ لأنه الذي أنعم عليه. النعمة بالعتق نعمة كبيرة كما حصل لزيد بن حارثة قال الله تعالى: وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بالإسلام، وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ بالعتق. وأمر –تعالى- بدعائهم لآبائهم، وكانوا -أولًا- إذا أعتق عبده انتسب إليه. لما أعتق النبي -صلى الله عليه وسلم- زيدًا كانوا يدعونه زيد ابن محمد ؛ حتى أنزل الله ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وقال: وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ أي: هذا الدعي الذي تدعونه ابنه ليس ابنًا له، وليس من أبنائه؛ ولكنه من الموالي. ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ .
فالعبد الذي يعتقه سيده يكون بينهما قرابة تسمى الولاء، ويقول في الحديث: الولاء لمن أعتق ويراد به: موالاة العتيق لمن أعتقه؛ بحيث يكون كأنه من القبيلة، كأنه واحد من هذه القبيلة. جاء في بعض الآثار: الولاء لحمة كلحمة النسب؛ لا يباع ولا يوهب ولا يورث ، وجاء في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع الولاء وهبته كما لا يجوز بيع النسب. لا يجوز أنك تقول: يا فلان أبيعك قرابتي من أخي، هذا أخي الذي هو ابن أبي لا حاجة لي في قرابته، أبيعك قرابته؛ حتى يكون أخًا لك؛ حتى يكون مناصرًا لك، لا حاجة لي في قرابته. هل يجوز؟ لا يجوز بيع النسب.
وكذلك بيع الولاء، إذا أعتقت عبدك هذا، وأصبح مولى لك فلا يجوز أن تجيء إلى إنسان وتقول: بعتك قرابتي من هذا العبد الذي أنا أعتقته، لا حاجة لي في قرابته، اشتر مني قرابته، أو وهبت لك قرابته فلا يجوز. ويقولون في تعريفه: أنه عصوبة سببها نعمة المعتق على رقيقه بالعتق؛ فيرثه هو وعصبته المتعصبون بأنفسهم لا بغيرهم ولا مع غيرهم.
العصبة الذكور. عصوبة -يعني- قرابة. العصبة في الأصل: هم قرابة الرجل، إخوانه وأولاد إخوانه وأعمامه وأعمام أبيه وأبناءهم وأبناء أبناءهم. لماذا سموا عصبة؟ لأنهم يحمونه كأنهم عصابة يتعصبون حوله -يعني- يتحلقون حوله. ومنه سميت العصابة التي على الرأس؛ لأنها مستديرة، فالإنسان -مثلًا- إذا كان خائفًا تعصب أقاربه حوله -يعني- استداروا حوله؛ فلذلك سموا عصبة. ثم بعد ذلك تسمى حميتهم تعصبًا، يقال: تعصب آل فلان لفلان، أو بينهم عصبية، وفي الحديث: ليس منا من مات على عصبية، وليس منا من دعا إلى عصبية .
فالحاصل.. أن هذا الولاء يعتبر قريبًا لهذا المعتق؛ فيرثه إذا مات. وقال بعض العلماء -أيضًا- إنهم يرثونه، وإنه يرثهم. لو مات المعتق، وله مال، ولا يعرف له قرابة، وليس له أحد يرثه بالنسب؛ فإن عتيقه أولى به؛ لأنه يعتبر من العصبة. هذا العبد الذي أعتقته أصبح قريبًا لك؛ فترثه ويرثك إذا لم يكن هناك نسب.

line-bottom