إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه logo    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
shape
شرح نظم البرهانية
92152 مشاهدة print word pdf
line-top
معنى الفرض والمقصود به

لما ذكر الله –تعالى- في قوله تعالى في الآية الأولى من سورة النساء يعني أول ما ذكر في الفرائض قول الله تعالى: آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ ذُكر كلمة فريضة، فسميت هذه الأنصبة وبالفرائض؛ لأجل أن الله فرض فيها لكلٍ نصيبه؛ فسميت فرائض. هكذا جاء في هذه الآية، وكذلك سميت في السنة في حديث ابن عباس الصحيح قال -صلى الله عليه وسلم- ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر فسماها فريضة.
وتكلم الفرَضيون على معنى الفريضة. الفريضة في اللغة: الفرض في اللغة يدور على معانٍ: أصلها الحز والقطع. يقولون: فرض الحبل في الحجر. الحبل الذي كانوا يسنون عليه مع مروره -دائمًا- على الحجر يفرض فيه فرضًا -يعني- حزًا، وكذلك -مثلاً- إذا أخذت سكينًا وحززت بها في خشبة فإنها تحز فيها، ويسمى هذا الحز فرضًا؛ وذلك لثبوته. وسميت هذه فرائض لثبوتها؛ بل وتسمى الواجبات التي أوجبها الله تسمى فرائض، في حديث أبي ثعلبة يقول -صلى الله عليه وسلم- إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدودًا فلا تعتدوها إلى آخر الحديث.. يعني: الفرائض: هي ما أوجبه الله على العباد؛ فإنها تسمى فريضة. مثل الصلاة فريضة، والصيام فريضة، وأشباه ذلك؛ فإنها فرائض فرضها الله؛ ولكن وقع الاصطلاح على تسمية المواريث أنها الفرائض، فيقولون في تعريف الفرائض: العلم بقسمة التركات. يعني: المخلفات؛ وذلك لأن الغالب كون الإنسان يجمع الأموال في حياته، ثم بعد ذلك يخلفها؛ يموت ويتركها؛ فلا بد أن يكون هناك علم يعرف به كيفية تقسيمها، كيف تقسم هذه الأموال على هؤلاء الورثة؟ فجاء هذا العلم بكيفية تقسيمها.
والغالب.. أنه يجمعها لأولاده؛ ولأجل ذلك جاءت الآية الأولى بذكر الأولاد: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ مع أنه قد يكون هناك ورثة غيرهم كالأبوين والزوجين؛ فلذلك جاء في الحديث قوله -صلى الله عليه وسلم- إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس فذكر أن الإنسان يجمع حتى يكون لورثته بعده ما يكتفون به، وما يسدهم عن التكفف الذي هو السؤال -سؤال الناس-.

line-bottom