الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه logo إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
shape
شرح نظم البرهانية
92205 مشاهدة print word pdf
line-top
المراد بالسبب

...............................................................................


ثم ذكروا بعد ذلك أسباب الإرث، أسباب الإرث هي هذه الثلاثة.
السبب في اللغة هو: ما يتوصل به إلى الشيء. ومنه سمي الحبل سببًا في قوله تعالى: فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ يعني: موصل إلى السماء، ومنه قوله تعالى: فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ يعني: في الحبال التي توصلهم إلى السماء، وقوله عن فرعون: لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ يعني: الوسائل التي أصعد بها إلى السماء. لا شك أن هذا -يعني- واضح في أن السبب هو: ما يوصل إلى الشيء.
ثم ذكروا في تعريف الأسباب -هنا- أنها جمع سبب، وهو ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته. يلزم من عدمه العدم: إذا عدمت الأسباب عدم الإرث، وكذلك جميع أسباب الأشياء؛ متى عدمت الأسباب عدم الإرث كله؛ فلا يحصل توارث إلا بتوفر الأسباب؛ ومع ذلك فإنها إذا وجدت فقد يوجد الإرث وقد لا يوجد. ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته. هذه هي الأسباب.

line-bottom