إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
شرح نظم البرهانية
68836 مشاهدة
متى يستحق الحمل الميراث

وقد تقدم في أسباب الميراث أنهم يقولون: إذا كان الحمل وُلِدَ لأقل من ستة أشهر فإنه يرث بكل حال ؛ سواء كانت أمه فِراشًا أو غير فِراش، وإن كانت غير فِراش فوُلِدَ لأقل من أربع سنين ورث؛ لأنها أكثر مدة الحمل، فإن كانت فِراشًا فلا بد أن يولد لأقل من ستة أشهر؛ فإن وُلد لأكثر من ستة أشهر فلا يرث؛ لأنه يحتمل أنه من وطء متجدد.
مثاله: إذا كانت أم الميت متزوجة، وهي تحت زوجها، وزوجها يطؤها بحكم الزوجية، وادعت أنها حامل حتى يرث ابنها من أخيه الميت الذي هو أخ لأم؛ ادعت أنها حامل فننظر، إن ولدته لأقل من ستة أشهر عرفنا أنه موجود وأنه يرث، وإن ولدته لأكثر من ستة أشهر لم يرث؛ لاحتمال أنه حدث من وطء متجدد بعد الموت؛ فلا يرث والحال هذه. وأما إذا لم تكن فِراشا؛ كما لو مات ميت، وزوجته موجودة وادعت أنها حامل، فننظر إن أتت بهذا الحمل لأقل من أربع سنين فإنه يرث، ولأكثر من أربع سنين فإنه لا يرث؛ وذلك لأن أكثر مدة الحمل أربع سنين. هكذا قدروا؛ ولكن الغالب أنه إذا زاد عن سنة يكون لمرض في الحمل؛ لأنه إذا مرض لم ينبت جسده ولم يتنامَ؛ فلذلك تطول مدته، وعلامة ذلك أن ينزل معها الدم؛ لأن العادة أن الحامل ما تحيض. فإذا حاضت فذلك لمرض بالجنين؛ لأن الدم ينصرف غذاء لهذا الجنين، يتغذى به مع سرته؛ فإذا مرض لم يتغذ، وخرج هذا الدم -دم الطمث- فيدل على أنه مريض فتزداد مدة الحمل. وقد يبقى سنة، سنتين، ثلاث سنين وهو في بطن أمه فيعالج: إما أن يُسقط، وهو الإجهاض، وإما أن يبرأ ثم يولد، وأكثر شيء أربع سنين، فالحاصل أنه في هذه الحال يوقف له الأكثر من ميراث ذكرين، أو ميراث أنثيين، ويقسم الباقي.
فلو كان عندنا -مثلاً- إذا كان عندنا زوجة وأبوان، والزوجة حامل، فهل الميراث ميراث ذكرين أكثر؟ أم ميراث الأنثيين؟ ميراث الأنثيين أكثر؛ لأن المسألة تعول؛ فنقسم المسألة سبعة وعشرين سهما: للزوجة ثلاثة، وللأب أربعة، وللأم أربعة، ويبقى ستة عشر نوقفها للحمل. نقدر أنه أنثيان. لو قدرنا أنه ذكران، أو ذكر وأنثى قسمنا المال أربع وعشرين. أعطينا الزوجة ثلاثة، والأم أربعة، والأب أربعة، وبقي ثلاثة عشر للذكرين، أو للأنثيين؛ ففي هذه الحال ميراث الأنثيين أكثر؛ لأن المسألة تعول؛ فنوقف الستة عشر، ونجعل المسألة من سبعة وعشرين.
أما لو كان للميت ابن، وله أبوان وزوجة، وزوجته حامل؛ في هذه الحال ميراث الذكرين أكثر. الزوجة والأبوان ميراثهما يأخذانه كاملاً، وأما الابن الموجود فإننا نعامله بالأضر، فلا نعطيه إلا ثلث الباقي بعد أهل الفروض. نعطيه الثلث، ونقف الثلثين لهذا الحمل، فإن وُلد ذكرين أخذا ما وقف لهما، وإن وُلد ذكرا أعطيناه سهمًا ونصفًا، وأعطينا أخاه الموجود نصف السهم الزائد. وإن ولد أنثيين فكذلك نعطيه سهما ونصفا من الموقوف يقسم بينهما، وكذلك إن وُلد ذكرا وأنثى نعطيه أيضًا ثلاثة أرباع الموقوف، وهكذا. يعني: نعامل الولد الموجود؛ الابن الموجود بالأضر، وأما من لا يضرهم كالأب والأم والزوجة فكل منهم يأخذ نصيبه كاملاً؛ لأنه لا يزيد ولا ينقص بكون الحمل ذكرًا أو أنثى، واحدًا أو عددا؛ فهكذا يعاملونه.
متى يكون ميراث الذكرين أكثر؟ إذا كان هناك أولاد فميراث الذكرين أكثر؛ لأنه يزاحم هؤلاء الأولاد، والذكر يأخذ مثل الذكر ومثلي الأنثى؛ فلو كان عندنا –مثلاً- لهذا الميت بنت، وله أم وزوجة حامل، وله هذه الزوجة. نقدر أن الحمل ذكران، بالنسبة للزوجة والأم ميراثهما لا يزيد ولا ينقص، فللزوجة الثمن، وللأم السدس، ولكن الأخت هذه؛ البنت إن كان الحمل أنثى فلها نصف الباقي، وإن كان ذكرًا فلها ثلث الباقي، وإن كانا ذكرين فلها خمس الباقي، فأيهما أضر؟ أن نقدره ذكرين؛ حتى لا نعطيها إلا خمس الباقي بعد الزوجة وبعد الأم. خمس الباقي، ونقف أربعة الأخماس، إذا ولد ذكران أخذاه، وإذا ولد أنثيان، أو ذكر وأنثى، أو ذكر فقط، أو أنثى فقط فإنهم يقتسمون الباقي، ويعطون أختهم الموجودة ما تستحقه معهم للذكر مثل حظ الأنثيين. هذه قسمة الحمل.