تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
شرح نظم البرهانية
68343 مشاهدة
شروط الإرث

الثاني: الشروط. شروط الإرث: أولًا: تحقق موت المورث. والثاني: تحقق حياة الوارث. والثالث: العلم بالجهة التي هي القرابة بينهما.
كيف نعرف أن المورث قد مات؟ وكيف نتحقق ذلك؟ يعلم إما بالمشاهدة، وإما بالاستفاضة، وإما بالحكم.
المشاهدة: إذا شاهدتموه قد خرجت روحه، علمتم بذلك أنه قد مات، فجاز لكم أن تقسموا التركة؛ لتحقق موت المورث. أو -مثلًا- ما شاهدتموه؛ ولكن رأيتموه، عرفتم أن فلانا مريض، ثم رأيتم الجنازة خرجت من بيته محمولة، وشيعها الناس إلى أن دفن؛ عرفتم أن هذا الذي هو مريض هو صاحب هذه الجنازة؛ جاز لكم قسم ماله.
أو بالاستفاضة: إذا مات في بلد بعيد، في -مثلًا- المغرب أو المشرق؛ ولكن جاءت الأخبار، وتناقل الناس خبر موته مكاتبات وإذاعات وأخبار ونقله؛ بحيث لا يُنكر مع كثرة من ينقله؛ جاز لكم قسمة تركته؛ لتحقق أنه قد مات. كذلك إذا غاب غيبة طويلة، ولم يأت عنه خبر، وحكم القاضي بأنه قد مات، ما يراه من الحكم إذا اجتهد؛ ففي هذه الحال -أيضًا-.. إذا حكم القاضي بأنه قد مات فإنه تقسم تركته.
أما تحقق حياة الوارث: أي تحقق حياته، فيعلم إذا تُحقق أنه موجود عند موت المورث؛ ولو نطفة. إذا -مثلًا- أن هذه المرأة ادعت أنها حامل، وأن حملها يرث من هذا الميت؛ فإن كانت فراشًا فلا يرث إلا إذا ولدته لأقل من ستة أشهر، كما لو كانت أم الميت مزوجة برجل غير أبيه، ولما مات الميت ادعت أنها حامل وأن ولدها يرث، أخ من الأم، فإن تجنبها زوجها ولم يطئها ورث ذلك الولد إذا ولدته لأقل من أربع سنين؛ فإن لم يتجنبها فلا يرث الولد إلا إذا ولد لأقل من ستة أشهر؛ مخافة أنه يكون من وطء متجدد. يعني: أنها علقت به بعد موت أخيه، فإذا تحقق أن الحمل موجود في الرحم حال الوفاة فإنه يرث؛ ولو كان نطفة.
إذا مات وزوجته حامل؛ ولو أنها في الشهر الأول ورث ولده الذي في بطنها. وكذلك إذا مات -مثلًا- ومات أبوه قبله، ثم ادعت زوجة أبيه أنها حامل؛ فإنه يرث، إذا لم تكن فراشًا يرث إذا ولد لأقل من أربع سنين؛ لأنها أكثر مدة الحمل.
كذلك يعلم بحياته بعد موت المورث؛ ولو دقيقة في مثل حوادث السيارات إذا ماتوا جميعًا، وعرفنا أن أحدهما عاش بعد الآخر؛ ولو دقيقة أو دقائق؛ فالمتأخر يرث من المتقدم.
وأما العلم بجهة التوارث فلا بد من الإثبات. إذا جاء إنسان وقال: أنا الذي أرث صاحب هذا المال، أنا وارثه. كيف نعرف أنك وارثه؟ أثبت. فإذا أثبت من أحد القضاة المعروفين بالبينة، أتى ببينة أنه ابنه أو أنه أخوه أو ابن أخيه أو عمه أو ابن عمه -يعني- أنه أقرب الناس له؛ ففي هذه الحال.. لا بد من إثبات أنه يرثه؛ لأنه قد يتقول، قد يأتي واحد ويقول: أنا ابنه. ما الدليل على أنك ابنه؟ ما الدليل أنك ابن ابنه أو أنك أخوه؟ نحن لا نعرفك، ائت بمن يعرفك، ائت بإثبات. فلا بد من الإثبات؛ حتى يثبت التوارث.
فهذه الشروط: تحقق موت المورث، وتحقق حياة الوارث، والعلم بالجهة التي يحصل بها التوارث -جهة القرابة-.