شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
كتاب الروض المربع الجزء الثاني
92315 مشاهدة
الحكم إذا كان الصلح لأهل الذمة وهم في بلادهم

وإن صولحوا في بلادهم على جزية أو خراج لم يمنعوا شيئا من ذلك.


تارة يكونون في بلاد فيها الإسلام وفيها أعداد من المسلمين، ففي هذه الحال لا يمكنون من إظهار الأكل والشرب في نهار رمضان، ولا يمكنون من إظهار النواقيس ولا كتبهم بين المسلمين، ولا يمكنون من بيع الخمر وبيع الخنزير في البلاد التي فيها مسلمون.
وأما إذا كانت البلاد خاصة لهم ليس فيها أحد من المسلمين وإنما صالحناهم وهم في بلادهم وأقررناهم عليها ولم يكن بينهم أحد من المسلمين بل كل البلاد وسكانها منهم ففي هذه الحال يفعلون ما يشاءون، فلهم أن يأكلوا نهارا في رمضان، ولهم أن يشربوا الخمر جهارا، ولهم أن يبيعوا ويتبادلوا لحم الخنزير؛ لأن ذلك جائز في شريعتهم وليس عندهم من ينخدع بهم من المسلمين.
إنما أقررناهم واستولينا على بلادهم وتركنا دورهم ومساكنهم لهم على أن يبذلوا الجزية، وعلى أن يلتزموا بالصغار، وعلى أن يدينوا بحكم الإسلام، وأما أعمالهم وكنائسهم ومعابدهم فإنها تبقى كما كانت؛ لأن ذلك من عباداتهم وديانتهم. نعم.