إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
شرح لمعة الاعتقاد
219323 مشاهدة
الله تعالى مستوٍ على العرش مالك لخلقه عليم بهم

الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى هكذا أخبر عن نفسه أن من أسمائه الرحمن، ومن صفاته الاستواء على العرش الذي هو سقف المخلوقات، وأخبر بأن له ما في السماوات وما في الأرض ملكا وخلقا وعبيدا، وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى أي: ما تحت الأرض السابعة وما لا يعلمه إلا الله فإنه لله تعالى وهو الذي يتصرف فيه، وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى يعلم سر الكلام وخفيه، السر: ما كان يسره الإنسان في قلبه. وأخفى من السر ما لم يتكلم به ولم يخطر على باله ولكن يعلم الله تعالى أنه سوف يكنه أو سوف يحدث به نفسه. وإذا كان كذلك فإنه يعلم الجهر، وفي آية أخرى يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى فهو يعلم ذلك كله بعلم حقيقي يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى .
أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا أي: علمه أحاط بكل شيء متقدما ومتأخرا صغيرا وكبيرا فيعلم ما يحدث كل ما يحدث وهو في السماء فإنه يعلمه لا تولد نفس إلا ويعلم متى ولدت ومتى تولد ومتي تموت وما يحصل لها كل ذلك يعلمه -سبحانه وتعالى- ولا يخفى عليه شيء من ذلك أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا .
وقهر كل مخلوق عزة وحكما: القهر: الغلبة -يعني- غلب كل المخلوقين بعزته فإن من أسمائه: العزيز. ومن صفاته: العزة وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ فله العزة وهو العزيز الحكيم قهر كل مخلوق عزة -يعني- بعزته، وحكمه -يعني- بحكمه بكونه الذي يحكم في الأشياء حكما لا يرد.
ووسع كل شيء رحمة وعلما وسعت رحمته كل شيء، وكل ما في الكون فإنه وسعه برحمته؛ فلأجل ذلك كلهم يتقلبون في رحمته ولا يستغني أحد عن رحمته، المخلوقات كلها بحاجة إلى رحمته، يقول الله تعالى: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ و: وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أي: علمه محيط بكل شيء، يعلم ما تحيط به النفوس وما تتحدث به.
يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ أي: ما بين أيدي الخلق يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ يعني: ما قبل أن يحدثوا وما بعد موتهم، ويعلم ما يعملونه في حياتهم وما يعمل لهم بعد موتهم، أو يعلم ما يفعلونه في حياتهم وما يخلفونه من تركات وما أشبهها أو يعلم كل ما قدامهم وما وراءهم وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا أي: لا يحيطون بعلم ذاته ولا بكيفية صفاته فإن ذلك من العلم الذي حجبه عنهم لقصورهم عن ذلك.